ثم كان عام 325 يمثل معلما من معالم التاريخ البارزة، ففيه عقد مجمع نيقية الذي ابتدئت به صفحة جديدة في تاريخ الديانات العالمية،ولم تكن نتائجه نزيهة وذلك بسببين:
الأول: أن من دعا إليه الإمبراطور الروماني " قسطنطين " إلى انعقاده وهو رجل وثني ظل وثنيا إلى أن عمد وهو على فراش الموت.
الثاني: حضر المجمع ألفان وثمانية وأربعون من البطاركة والأساقفة يمثلون مذاهب وشيعاً متناحرة، أبرزها فرقتان:
الموحدين، كما يدعون، أتباع آريوس، وكان عددهم يقارب سبعمائة عضو.
الثالوثيون، أتباع بولس، وكان عددهم حوالي ثلاثمائة وثمانية عشر عضواً.
ومعلوم أن وثنية قسطنطين ثالوثية، وهذه في حد ذاتها تمثل قوة معنوية للثالثوثيين، فكيف إذا أضيف إلى ذلك أنه جمع الثلاثمئة وثمانية عشر أسقفاً في مجلس خاص وجلس في وسطهم وأخذ خاتمة وسيفه وسلمه إليهم، وقال: " قد سلطتكم اليوم على مملكتى .. "
وكان أبرز قرارات المجمع القرار الذي اتخذه بشأن الأناجيل، وهو أن الأناجيل المعتمدة الصحيحة هي الأناجيل الأربعة المنسوبة لـ (متى، لوقا، مرقص، يوحنا) وأما ما عداها فمزيف مكذب تحرم قراءته ويجب حرقه وإبادته. وهذا بلا شك قرار جائر بحق الدين والتاريخ، ويستطيع المرء أن يحمل المجمع، أو هذا القرار خاصة، مسؤولية ضياع النسخة الأصلية من الإنجيل المنزل، لاسيما وأن الناظر إلى هذه الأناجيل يجد بينها من التضاد الشكلي والموضوعى ما يؤكد أنها ليست وحياً، بل ليست سيرة صادقة للمسيح عليه السلام.
إن اختيار أربعة مؤلفات من بين سبعين مؤلفا مع عدم إبداء أسباب تبرر ذلك، لهو إجراء قسرى، يعبر عن روح الرعونة والصلف اللذين لم ينفكا عن الكنيسة في أية حقبة من تاريخها، ولذلك فليس عجيباً أن يعاملها العاقون من أبنائها بمثل ذلك التطرف والغلو، وليت الأمر اقتصر على هذا، لكن الكنيسة لم تحفظ الأناجيل الأربعة نفسها من التحريف بعد أن فرضتها على أتباعها، وكان للأباطرة دخل في هذا التحريف، ولا لوم عليهم فإنما قلدوا الكنيسة في ذلك. يقول " لاندر " أحد مفسري الأناجيل:
" حكم على الأناجيل المقدسة جهالة مصنفها بأنها ليست حسنة بأمر السلطان أناسطيوس في الأيام التي كان فيها " مسالة " حاكماً في القسطنطينية فصححت مرة أخرى " (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)6) . وهذا القول اعتراف بالغ الخطورة، فهو يقرر ثلاث حقائق تاريخية:
أن مؤلفي الأناجيل مجهولون، وظلوا كذلك حتى القرن الرابع الميلادي.
أن لأهواء الحكام وميولهم يداً فيما تعرضت له الأناجيل من تحريف باسم التصحيح.
أن التحوير والتعديل ظل يمارس في الأناجيل دون شعور بالحرج، مما يدل على أنه عادى مألوف، قد أورد الشيخ " رحمة الله الهندى " خمسة وأربعين شاهداً على التحريف بالزيادة في الأناجيل، مدعمة بالوثائق والاعترافات، نختار واحداً منها للتمثيل فقط.
" الآية الثالثة والخمسون من الباب السابع وإحدى عشر آية من الباب الثامن من إنجيل يوحنا إلحاقية (مضافة) قال هورن في الحاقية هذه الآيات: أرازمس وكالون وبيزا وكروتيس و ……… والآخرون من المصنفين الذين ذكرهم ونفينس وكوجز لا يسلمون صدق هذه الآيات " ثم قال:
" كرايز ستم وتهيو فلكت ونونسى كتبوا شروحا على هذا الإنجيل، فما شرحوا هذه الآيات، بل ما نقلوها في شروحهم، وكتب ترتولين وساى برن في باب الزنا والعفة وما تمسكا بهذه الآيات ولو كانت هذه الآيات في نسخها لذكراً أو تمسكا بها يقينا "
وقال وارد كتلك: " بعض القدماء اعترض على أول الباب الثامن من إنجيل يوحنا نورتن بأن هذه الآيات إلحاقية يقينا " (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)7) .
file:///C:/DOCUME%7E1/sps/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image006.gif فهذه أثنتا عشرة فقرة، يكاد يكون هناك إجماع على إضافتها وغيرها كثير، ولا غرابة في ذلك، فليس لدينا حد فاصل بين كلام الله وكلام البشر، بل ليس هناك ضابط يعرف به كلام المسيح من كلام غيره، فالشك وارد على كل فقرة في الأناجيل إلى درجة أن أعظم المتعصبين لها لا يستطيع إقناع الباحث العلمي بسوى ذلك.
(ب) قضية الألوهية والشريعة:
* التحريف في الألوهية:-
¥