إن عملية التحريف بدأت مبكرة حين كان الحواريون لا يزالون على قيد الحياة، كما أنها ابتدأت بموضوع ليس بالهين، وهو القول بأن للمسيح طبيعة إلهية، مع أن سيدنا عيسى عليه السلام – كما تعترف دائرة المعارف البريطانية –"لم تصدر عنه أي دعوى تفيد أنه من عنصر إلهي أو من عنصر أعلى من العنصر الإنساني المشترك " (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)8)
وتتفق المصادر التاريخية – فيما نعلم – على أن اليد الطولى في التحريف كانت لمبشر من أتباع الحواريين،تسمية المسيحية المحرفة "بولس الرسول "، وهو الذي أثار موضوع ألوهية المسيح لأول مرة، مدعياً أنه "ابن الله " (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9)9) - تعالى عن ذلك – وكانت هذه الدعوى البذرة الأولى للتثليث.
* التحريف في الشريعة:
كان أول من سن سنة التنازل على الشريعة مقابل قبول العقيدة هو شاؤول (بولس) يقول برنتن: ((كانت العقبة الكبرى في وجه الأممين الذين وجدوا أسلوب الحياة المسيحية جذاباً قانون اليهود)) – أي شريعة التوراة – ثم يشرح برنتن كيف أن بولس زال هذه العقبة فأفتى بأن ((الإغريق والمصريين والرومان الذين يقبلون المسيحية في حل الختان وفي حل التقيد بحرفية القانون)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10)10) .
وبمرور الزمن أصبح هذا الانحراف منهجاً مقرراً اعتمدته الكنيسة بعد مجمع نيقية ففصلت بين العقيدة وبين الشريعة، بين الدين والدولة وقسمت الحياة البشرية دائرتين مغلقتين:
الأولى – (دينية) من اختصاص الله ويقتصر محتواها على نظام الاكليروس والرهبنة والمواعظ وتشريعات طفيفة لا تتعدى الأحوال الشخصية.
والأخرى – (دنيوية) من اختصاص قيصر وقانونه، ويحوى محيطها التنظيمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الدولية ونظم الحياة العامة.
file:///C:/DOCUME%7E1/sps/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.gif هذه القسمة الضيزى لم تجد الكنيسة غضاضة فيها، ولم تتحرج من جعل قيصر شريكاً لله في ملكه، بل اعظم من شريك، فقسمت الكون شطرين: شطر لله وشطر لقيصر، فما كان لله فهو يصل إلى قيصر وما كان لقيصر فلا يصل إلى الله.
3/ الاحتكاك بالمسلمين:
إن كتب التاريخ الأوربية لا تنكر أن الاحتكاك بالمسلمين، هو الذي أيقظ أوربا من سباتها - إلا غُلاة الغلاة منهم! – فقد كان هذا الاحتكاك هو الذي أشعرهم بما هم فيه من ظلام وتخلف، وحفزهم إلى إرادة الحياة، بعد أن كانوا قد أخلدوا إلى السّبات الذي يُشبه الموت.
فأخذت أوروبا من المسلمين المنهج التجريبي في البحث العلمي، الذي كان أساس كلّ التقدم العلمي الحديث، واستفادت من علومهم كلّها بما فيها الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطبّ والفلك، كما استفادت من وسائلهم الحضارية الأخرى، (وأضافت إليها كثيراً بالطبع)، كما أخذت منهم روح التفكير الحرّ في مختلف مجالات الفكر، وروح المغامرة في فجاج الأرض واستكشاف مجاهيلها.
مراجع للتوسع
1.
[/ URL]([1]) نسميها جاهلية بالمقياس الرباني الذي أشرنا إليه آنفاً وهو الجهل بحقيقة الألوهية واتباع غير ما أنزل الله، وكتب التاريخ تسميها " حضارة " فتقول " الحضارة الإغريقية " و " الحضارة الرومانية " ونقول نحن: لا بأس! فهي " حضارة جاهلية " بالمعيار الرباني.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1)(([2] يطلق على اليونانيون القدماء "إغريق "
[3] ("إن الفكر المنتمي لأرسطو ومن معه: هو الفكر القائم على الاستدلال العقلي البرهاني، ثم وضع عليه علم المنطق بعد ذلك، ثم تطور إلى أن وصل إلى العقل الجامد، وهو الذي أدى إلى الثورة التي حدثت، ثم وصل إلى اللامعقول." الفوائد العوالي من برنامج تاريخ العقيدة للشيخ الحوالي- عقيل الشمري-)
[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref4"] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3)([4]) هي جاهلية بنفس الاعتبار الذي أشرنا إليه آنفاً وإن كانت ترفع شعارات " الدين ".
(( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref5)5) إظهار الحق: 292، وانظر محمد رسولاً نبياً / عبد الرازق نوفل: 188.
(( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref6)6) إظهار الحق: 296.
(( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref7)7) اظهار الحق: 264.
(( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref8)8) عن الجفوة المفتعلة:15.
(( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref9)9) انظر رسالة بولس إلى أهل رومه صح 1:4 - 5.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref10)(10) لأفكار ورجال: 18.