تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نقد كبار علماء الحنابلة للتصوف و أهله]

ـ[أبو أنس الاسنوى]ــــــــ[05 - 11 - 10, 11:50 م]ـ

يعتبر علماء الحنابلة من أكثر علماء أهل السنة انتقادا للتصوف وأهله، لأنهم ورثوا عن إمامهم موقفه المتشدد من الصوفية عندما ذم طريقتهم،و حذر من صحبتهم [1]. و لما رأوه في سلوكهم من انحرافات كثيرة عن الشرع [2].و من أشهرهم نقدا لهؤلاء ثلاثة من كبار علمائهم، هم: ابن عقيل، و ابن الجوزي، و ابن تيمية.

أولا: نقد ابن عقيل للتصوف و الصوفية:

انتقد أبو الوفاء بن عقيل (ت513 ه/1119م)، الصوفية في منهاجهم و سلوكياتهم، فمن ذلك أنه ذكر أن مما يسقط مشايخهم في عينيه،هو أن أحدهم إذا خوطب بمقتض الشرع قال:عادتي كذا و كذا.يشير إلى طريقة قد قننها لنفسه تخرج عن سمت الشرع؛فهو إذن مختلق طريقة،وكل مختلق مبتدع ولو كان في ترك السنن، لأن الاستمرار على تركها خذلان [3]. و أعاب عليهم كذلك تغيير أسماء بعض المحرمات،و اطلاق عليها عبارات أخرى، كقولهم في الاجتماع على الغناء: الأوقات،و في المعشوقة:أخت،و في المرأة المحبة:مريدة،وفي الرقص و الضرب:الوجد،وفي اللهوي والبطالة: رباط،و هذا تحريف و تمويه غير مباح شرعا [4].

و قارنهم بالمتكلمين فإنتهى إلى أن أهل الكلام يفسدون عقائد الناس،بتوهيمات شبهات العقول،و الصوفية يفسدون الأعمال،و يهدمون قوانين الأديان،و يحبون البطالات و سماع الأصوات ,و ما كان السلف الصالح على ذلك المنهاج،فقد كانوا في العقائد عبيد تسليم،و في الأعمال أرباب جد [5].و فضل عليهم أي الصوفية المتكلمين الذين يزلون الشك،أما هم فيوهمون التشبيه في مجال الصفات [6].وهو قد فضل عليهم المتكلمين لغلبة علم الكلام عليه لأن من طغى عليه النظر العقلي كان ذمه لمنحرفة العباد،أكثر من ذمه لمنحرفة المتكلمين [7].

واتخذ ابن عقيل موقفا حازما من دعوى الصوفية:يسلّم للشيخ حاله.فيرى أنها دعوى اتخذها مشايخ الصوفية للتسلطن بها على اتباعهم،و دفعا للاعتراض عليهم.وإلاّ فإن الاعتراض مشروع على كلّ إنسان، ألم ترى أن الصحاب- رضي الله عنهم –قد اعترضوا على النبيّ –عليه الصلاة و السلام –عندما أظهر لهم أشياء لم يفهموها يوم الحديبية.و حتى الملائكة تسألوا عندما قالوا لله تعالى: ((أتجعل فيها)) -سورة البقرة/ 30 - وقال موسى عليه السلام: ((أتهلكنا بما فعل السفهاء منا)) [8]-سورة الأعراف -/155 - .ثمّ أننا نجد شيخ رباط يخلوا بأمرد و يسمع منه أو من امرأة حرة الغناء،و يأكل الحرام و يرقص، ولا يسأل الفقهاء،ولا يبني أمره على الشرع و يتصرف انطلاقا من وجدانه و واقعاته، و يقول اتباعه: ((الشيخ يسلم إليه طريقته)). ثم قرر ابن عقيل أنه لا طرقة مع الشريعة ولم يبق لأحد معها قول،و ما جاءت هي إلاّ بهدم العوائد،و نقض الطرائق، و ((ما على الشريعة أضرّ من المتكلمين و المتصوفة)) [9].و على العكس منه نجد الفقيه تاج الدين السبكي الشافعي يدعوا إلي الاعتقاد في الصوفية و التسليم لهم في أحوالهم و حسن الظن بهم، و انتقد الفقهاء الذين يحكمون على ظاهر هؤلاء [10].

وردا عليه أقول: إن الله –عز و جل- قد أوجب على كل مسلم الخضوع لشرعه، ((فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)) -سورة النساء/65 - و من ثم لا يحق للصوفية ن و لا لغيرهم من الناس أن يستثنوا أنفسهم من الخضوع للشرع و الاحتكام إليه.و أما انتقاده للفقهاء في حكمهم على الصوفية من خلال ظاهرهم، فهم على صواب و هو على خطأ، لأن الشريعة الإسلامية تحكم على الناس بناء على ظاهرهم، و تترك بواطنهم لعلام الغيوب، لذا كان الرسول-عليه الصلاة و السلام- يعامل المنافقين معاملة المسلمين، و هو يعلم ما يكنونه في صدورهم من كفر و نفاق و خداع [11]. لذا فإني أوافق ابن عقيل في اعتراضه على الصوفية،،و رده عليهم في دعوى: تسليم للشيخ حاله. لأن حجته في ذلك قوية دامغة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير