غير أنّ الازارقة من الخوارج جوّزوا عليهم الذنب، وكلُّ ذنبٍ عندهم كفر، فلزمهم تجويز الكفر عليهم، بل حُكي عنهم أنهم قالوا يجوز أن يبعث الله نبيّاً عَلِمَ أنّه يكفر بعد نبوته!
وأمّا النوع الثاني، وهو ما يتعلّق بالتبليغ:
فقد اتّفقت الاُمّة بل جميع أرباب الملل والشرائع على وجوب عصمتهم عن الكذب والتحريف فيما يتعلق بالتبليغ عمداً وسهواً إلاّ القاضي أبو بكر، محمد بن الطيب الباقلاني البصري المتكلم الاَشعري، فإنّه جوّز ما كان من ذلك على سبيل النسيان، وفلتات اللّسان.
وأمّا النوع الثالث: وهو ما يتعلق بالفتيا:
فاجمعوا على أنّه لا يجوز خطؤهم فيه عمداً وسهواً، إلاّ شرذمة قليلة من العامّة.
وأمّا النوع الرابع: وهو الذي يقع في أفعالهم:
فقد اختلفوا فيه على خمسة أقوال:
الاَول:
مذهب أصحابنا الاِمامية: وهو أنّه لا يصدر عنهم الذنب لاصغيره ولا كبيره، لا عمداً ولا نسياناً، ولا يخطأ في التأويل، ولاللاسهاء من الله سبحانه.
ولم يخالف فيه إلاّ الصدوق، وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد قدس سرهما، فإنّهما جوّزا الاسهاء، لا السهو الذي يكون من الشيطان.
وكذا القول في الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
الثاني:
قول أكثر المعتزلة: أنه وقت النبوة، وأما قبله وهو أنّه لا يجوز عليهم الكبائر، ويجوز عليهم الصغائر، إلاّ الصغائر الخسيسة المنفّرة كسرقة حبة، أو لقمة، وكل ما ينسب فاعله إلى الدناءة والضّعة.
الثالث:
قول أبي علي الجبائي: وهو أنّه لا يجوز أن يأتوا بصغيرة، ولا كبيرة على جهة العمد، لكن يجوز على جهة التأويل، أو السهو.
الرابع:
قول النظام وجعفر بن مبشر ومن تبعهما: وهو أنّه لا يقع منهم الذنب إلاّ على جهة السهو والخطأ، لكنّهم مؤاخذون بما يقع منهم سهواً، وإن كان موضوعاً عن أُممهم لقوّة معرفتهم وعلو رتبتهم، وكثرة دلائلهم، وإنّهم يقدرون من التحفظ على ما لايقدر عليه غيرهم.
الخامس:
قول الحشوية، وكثير من أصحاب الحديث من العامّة: وهو أنّه يجوز عليهم الكبائر والصغائر، عمداً وسهواً وخطأً.
ثمّ اختلفوا في وقت العصمة على ثلاثة أقوال:
الاَول:
وهو مذهب أصحابنا: وهو أنّه من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه.
الثاني:
مذهب كثير من المعتزلة: وهو أنّه من حين بلوغهم، ولا يجوز عليهم الكفر والكبيرة قبل النبوة.
الثالث:
وهو قول أكثر الاَشاعرة ومنهم الفخر الرازي، وبه قال أبو هذيل، وأبو علي الجبائي من المعتزلة: إن فيجوز صدور المعصية عنهم.
هذا مجمل القول في الآراء حول العصمة "
ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[10 - 11 - 10, 08:14 م]ـ
توافق قول المجلسي والتفتازاني في زعمهم الإجماع على عصمتهم من الكفر قبل البعثة وبعدها!!!
ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[10 - 11 - 10, 08:39 م]ـ
وممن نفى العصمة عنهم قبل البعثة المازري وابن الحاجب فيما نقله الزركشي قائلا: والكلام قبل النبوة وبعدها أما قبل النبوة، فقال المازري: لا تشترط العصمة، ولكن لم يرد في السمع وقوعها. وقال القاضي عياض: الصواب عصمتهم قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته، والتشكيك في شيء من ذلك، وقد تعاضدت الأخبار عن الأنبياء بتبرئتهم عن هذه النقيصة منذ ولدوا، ونشأتهم على التوحيد والإيمان. ونقل ابن الحاجب عن الأكثرين عدم امتناعها عقلا، وأن الروافض ذهبوا إلى امتناعها، ونقله غيره عن المعتزلة ; لأن ذلك يوجب هضمه واحتقاره، وهو خلاف الحكمة، والأصح قول الأكثرين، ومنهم القاضي ; لأن السمع لا دلالة له على العصمة قبل البعثة، وأما دلالة العقل فمبنية على فاسد أصلهم في التحسين والتقبيح العقلي ووجوب رعاية الأصلح والمصلحة أ. هـ
وقوله عدم امتناعها وقبله لم يرد في السمع وقوعها أي مطلق ما ينافي العصمة.
والله أعلم.
ـ[ابو فاطمة المصري]ــــــــ[10 - 11 - 10, 08:45 م]ـ
أخي الفاض: أحمد الغريب
قلتَ
الأخ أبا فاطمة بوركت .. هذا التشنيع الذي يشنع به بعضهم على شيخ الإسلام هو تشنيع قديم ذكره ابن حجر الهيتمي وغيره طعنا منه في ابن تيمية ظلما وبغيا حيث أطلق القول بأن الشيخ رحمه الله يقول بأن الأنبياء غير معصومين.
أشهد الله أني أحب ابن تيمية رحمه الله وهو من أئمة السلف
فهو إمامنا وخير سلف لنا رحمه الله
وكذلك هو يخطيء ويصيب
ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[10 - 11 - 10, 08:53 م]ـ
¥