تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المقصود بقول السلف "أمروها كما جاءت"]

ـ[ندا عبد الرحيم]ــــــــ[22 - 11 - 10, 09:23 م]ـ

[المقصود بقول السلف "أمروها كما جاءت"]

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فالسلف ما كانوا يفوضون علم المعنى المراد، إنما كانوا يفوضون الكيفية.

وأما من قال بأن المعنى غير معلوم وأن السلف أرادوا ذلك، نقول: ما أراد السلف ذلك، وإنما كلامهم حُمِل على غير ما قصد.

سأل رجل الإمام مالك عن الإستواء فقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".

الإمام مالك يقول بأن الاستواء غير مجهول أي أنه معلوم المعنى، فالتفويض تفويض في الكيف

فالسلف يقولون: "استواء لا نعلم كيفيته"، ولا يصح أن نقول: "استواء لا نعلم معناه".

قول السلف: "أمروها كما جاءت"

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

"وأما طريقة أئمة أهل الحديث وسلف الامة: فهي الكف عن الكلام في ذلك من الطرفين وإقرارلنصوص وإمرارها كما جاءت، ونفي الكيفية عنها والتمثيل"

من الطرفين:أي التعطيل ن والتشبيه

إمرارها كما جاءت: أي بإثبات المعنى، بلا كيف، ولا تمثيل

قال الخطابي رحمه الله تعالى (في الأعلام):

مذهب السلف في أحاديث الصفات: الإيمان، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، ومن قال: الظاهر منها غير مراد، قيل له: الظاهر ظاهران: ظاهر يليق بالمخلوقين ويختص بهم، فهو غير مراد، وظاهر يليق بذي الجلال والإكرام، فهو مراد، ونفيه تعطيل.

فمراده رحمه الله إجراؤها على معناها الظاهر، وتفويض الكيف

وقال بعض أئمة الكلام من شيوخ الصوفية الذي يحسن به الظن

وأما أهل العلم والايمان، فيعلمون أن ذلك كله متلقى مماجاء به الرسول وأن ما جاء به من ذلك عن ربه فهو الحق الذي لا مزيد عليه، ولا عدول عنه، وأنه لا سبيل لتلقي الهدى إلا منه، وأنه ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله الصحيحة ما ظاهرة كفر أو تشبيه، أو مستحيل، بل كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، فإنه حق وصدق، يجب اعتقاد ثبوته مع نفي التمثيل عنه، فكما أن الله ليس كمثله شيء في ذاته، فكذلك في صفاته. وما أشكل فهمه من ذلك، فإنه يقال فيه ما مدح الله الراسخين من أهل العلم، أنهم يقولون عند المتشابهات:” آمنا به كل من عند ربنا “ (آل عمران:7) وما أمر به رسول الله في متشابه الكتاب، أنه يرد إلى عالمه، والله يقول الحق ويهدي السبيل، وكلمة السلف وأئمة أهل الحديث متفقة على أن آيات الصفات وأحاديثها الصحيحة كلها تمر كما جاءت، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل.

سأل رجل الحسن عن شيء من صفة الرب سبحانه، فقال: أمروها بلا مثال

وقال الأوزاعي: سُئل مكحول والزهري عن تفسير هذه الأحاديث، فقالا: أمرها على ما جاءت، وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي ومالكاً وسفيان وليثاً عن هذه الأحاديث التي فيها الصفة والقرآن، فقالوا: أمروها بلا كيف.

أي بإثبات المعنى الظاهر، وتفويض الكيف

وقال ابن عيينة: ما وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره، ليس لأحد أن يفسره إلا الله.

فقراءته تفسير: أي أن المعنى الظاهر معلوم

ليس لأحد أن يفسره إلا الله: أي أن الكيفية لا يعلمها إلا الله

وقال موفق الدين بن قدامة في كتابه لمعة الإعتقاد

وعلى هذا درج السلف، وأئمة الخلف، كلهم متفقون على الإقرار، والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله، من غير تعرض لتأويل "

قال د / ناصر العقل حفظه الله في شرح هذه الفقرة

الإقرار: أي ما جاء عن الله وثبت عن رسوله نصدق به، نثبته نقر أنه حق

الإمرار: بمعنى أن نمره بلا مناقشة اعتراض، وبلا شبهات، وبلا تشكيك، نمره دون وقوف عند ما لا نعلمه، نمره على قالب الحق لا على قالب التخلص، فالإمرار هنا يعني التسليم

الإثبات: وهي تقرير لقاعدتي، الإقرار، والإمرار، وهي قاعدة احتياطية، فحينما قلنا ك الإقرار ن والإمرار فلا يعني ذلك عدم الإثبات

من غير تعرض لتأويله: التأويل هو خروج عن الإثبات في حقائق ألفاظ أسماء الله، وصفاته، وأفعاله إلى معاني محتملة.

والواجب أن نعلم ان كلام الله، وكلام رسوله حق على حقيقته على ما يليق بجلال الله، ولا نتعرض له بتشبيه ن ولا تمثيل، ولا بتأويل

وقال موفق الدين بن قدامة في كتابه لمعة الإعتقاد أيضا

وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ن والتابعين لهم بإحسان، والأئمة من بعدهم، والراسخين في العلم، من تلاوة آيات الصفات، وقرآءة أخبارها، وإمرارها كما جاءت، فلا وسع الله عليه.

قال د / ناصر العقل حفظه الله في شرح هذه الفقرة

بمعنى أنهم أهل تدبر للقرآن، وأهل فقه، وعلم راسخ، لم يكونوا يتلون القرآن تلاوة سطحية، بل كانوا يتدبرون القرآن والسنة، ولذلك هذه النصوص (نصوص العقيدة) أمَرُّهَا كما جاءت بالحق والبيان، ولم يمثلوا ن ولم يعطلوا، ولم يشبهوا

هذا الذي كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير