الأيمان اولاً
ـ[ابو ريحانه]ــــــــ[02 - 12 - 10, 10:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الذى يمنع القلوب من الاتصال بالله؟ وما الذى يحول بينها وبين معرفته؟
مع أنه سبحانه وتعالى قريب غير بعيد كما قال عز وجل
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"
فما سبب البعد والانقطاع والوحشة التى نشعر بها فى علاقتنا مع ربنا؟
يقول تعالى (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فالران المحيط بالقلوب هو الذى يغلق الطريق بيها وبينه سبحانه وتعالى وحجم الجهد المطلوب لفتح الطرق المغلقة بين القلوب وخالقها يختلف من شخص لاخر حسب سمك ما يحيط بقلبه من اغلفة وظلمات.
فالقلب الحى يمكن ان نشبهه بالكنز المدفون فى باطن الارض والذى يختلف مكانه من شخص لاخر.
قد يجده البعض على مقربة منه وقد يحتاج البعض الاخر الى جهد أكبر ووقت اطول للوصول اليه
وقد يسال سائل: كيف يعرف الواحد منا انه قد وصل الى كنزه وان الطريق المسدود قد تم فتحه؟
اجاب القران على هذا التساؤل فى عدة مواضيع وبين العلامات التى يستدل الشخص بها على عودة الحياة الى قلبه
.منها قول الله تعالى (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) سورة الانعام
وعن ابن مسعود قال: قلنا يارسول الله قول الله تعالى" أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورمِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"
كيف انشرح الصدر؟ قال (اذا دخل النور القلب انشرح الصدر وانفتح) قلنا يارسول الله وماعلامة ذلك؟ قال (الانابة الى دار الخلود والتجافى عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت
ومن هذه العلامات: وجل القلوب عند ذكر الله كما قال تعالى
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"
فوجل القلوب عند ذكر الله من علامات عودة الحياة اليها والوجل هو الخوف والاضطراب والفزع وزيادة خفقان القلب وسرعة ضرباته
قالت ام الدرداء: انما الوجل فى القلب كاحتراق السعفة
ومنها ايضا: خشوع القلب عند ذكر الله عز وجل قال تعالى
"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ"
وخشوع القلب هو خضوعه وهبوطه وذلته وانكساره
يقول ابن القيم: والخشوع فى أصل اللغة: الانخفاض والذل والسكون قال الله تعالى
"وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ"
اى سكنت وذلت وخضعت ومنه وصف الارض بالخشوع وهو يبسها وانخفاضها وعدم ارتفاعها بالرى والنبات قال تعالى
" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَت"
ومنها: حضور القلب فى الذكر والصلاة وحصول المواطاة بينه وبين اللسان
ومنها: ان صاحب هذا القلب يجده حاضرا معه عندما يريده ويستدعيه وهذا ليس قاصرا على الصلاة وقراءة القران والذكر و الدعاء وحسب بل متى اراده وحده معه نابضا خاشعا رقيقا
ومنها زيادة خشوع القلب بعد كل عبادة كان فيها حاضرا كما قال تعالى
"وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً"
ومنها تذوق صاحبه طعم حلاوة الايمان وهى حلاوة لم يشعر بمثلها فى حياته
يقول رسول الله (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان: ان يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما وان يحب المراء لا يحبه الا لله وان يكره ان يعود فى الكفر بعد اذا انقذه الله منه كما يكره ان يلقى فى النهار) صحيح اخرجه بخارى
¥