تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أعلمنا ربنا تبارك وتعالى أنه الملك وسمى بعض عبيده ملكا فقال: (وقال الملك ائتوني به) وأعلمنا جل جلاله أنه العظيم وسمى بعض عبيدة عظيما فقال (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) وسمى الله بعض خلقه عظيما فقال (وهو رب العرش العظيم) فالله العظيم وأوقع اسم العظيم على عرشه والعرش مخلوق وربنا الجبار المتكبر فقال: (السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر) وسمى بعض الكفار متكبرا جبارا فقال (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) وبارؤنا عز و جل الحفيظ العليم وخبرنا أن يوسف عليه السلام قال للملك: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) وقال: (وبشروه بغلام عليم) وقال (بغلام حليم) فالحليم والعليم اسمان لمعبودنا جل وعلا قد سمى الله بهما بعض بني آدم، ولو لزم يا ذوى الحجا أهل السنة والآثار إذا أثبتوا لمعبودهم يدين كما ثبتهما الله لنفسه وثبتوا له نفسا عز ربنا وجل وأنه سميع بصير يسمع ويرى ما ادعى هؤلاء الجهلة عليهم أنهم مشبهة للزم كل من سمى الله ملكا أو عظيما ورؤوفا ورحيما وجبارا ومتكبرا أنه قد شبه خالقه عز و جل بخلقه حاش لله أن يكون من وصف الله جل وعلا بما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه المصطفى مشبها خالقه بخلقه؛ فأما احتجاج الجهمية على أهل السنة والآثار في هذا النحو بقوله: (ليس كمثله شيء) فمن القائل: إن لخالقنا مثلا أو إن له شبيها؟! وهذا من التمويه على الرعاع والسفل يموهون بمثل هذا على الجهال يوهمونهم أن من وصف الله بما وصف به نفسه في محكم تنزيله أو على لسان نبيه فقد شبه الخالق بالمخلوق وكيف يكون يا ذوى الحجا خلقه مثله

نقول: الله القديم لم يزل والخلق محدث مربوب والله الرازق والخلق مرزوقون والله الدائم الباقي وخلقه هالك غير باق والله الغني عن جميع خلقه والخلق فقراء إلى الله خالقهم، وليس في تسميتنا بعض الخلق ببعض أسامي الله بموجب عند العقلاء الذين يعقلون عن الله خطابه أن يقال: إنكم شبهتم الله بخلقه إذ أوقعتم بعض أسامي الله على خلقه.

إلى أن قال (1/ 79 - 80):

وكل من فهم عن الله خطابه يعلم أن هذه الأسامي التي هي لله تعالى أسامي بين الله ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه مما قد أوقع تلك الأسامي على بعض المخلوقين ليس على معنى تشبيه المخلوق بالخالق لأن الأسامي قد تتفق وتختلف المعاني.

وقال الامام أبو عبد الله ابن مندة (395) في كتاب التوحيد ومعرفة اسماء الله (1/ 256):

ذكر آية تدل على وحدانية الخالق بأنه خلق الخلق وجعلهم سميعا وبصيرا يسمعون ويبصرون وهي من الأسماء المستعارة من أسماء الله تعالى لخلقه ليعرفوا نعمة الله تعالى عليهم بذلك، فتسمى بالسميع البصير وسمى عبده سميعا بصيرا؛ فاتفقت الأسماء واختلفت المعاني إذ لم يشبه من جميع الجهات قال الله تعالى منبها على قدرته على ذلك: (فجعلناه سميعا بصيرا، إما شاكرا وإما كفورا) وقال عز وجل: (قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون).

وقال الامام أبو عمر الطلمنكي (429) في كتابه الوصول إلى معرفة الأصول كما في العلو للذهبي (566):

قال أهل السنة في قوله: (الرحمن على العرش استوى): إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز فقد قال قوم من المعتزلة والجهمية لا يجوز أن يسمى الله عزوجل بهذه الإسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق؛ فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه وأثبتوها لخلقه فإذا سئلوا: ما حملهم على هذا الزيغ قالوا: الإجتماع في التسمية يوجب التشبيه، قلنا: هذا خروج عن اللغة التي خوطبنا بها لأن المعقول في اللغة أن الإشتباه في اللغة لا تحصل بالتسمية، وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها كالبياض بالبياض والسواد بالسواد والطويل بالطويل والقصير بالقصير، ولو كانت الأسماء توجب إشتباها لاشتبهت الأشياء كلها لشمول إسم الشيء لها وعموم تسمية الأشياء به؛ فنسألهم أتقولون: إن الله موجود فإن قالوا: نعم قيل لهم: يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبها للموجودين، وإن قالوا موجود ولا يوجب وجوده الإشتباه بينه وبين الموجودات، قلنا فكذلك هو حي عالم قادر مريد سميع بصير متكلم يعني ولا يلزم إشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات ..

وقال الامام ابن قدامة المقدسي (620) في تحريم النظر في كتب الكلام (ص 57 - 58):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير