* أولها في آخر سورة النساء، حيث قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً * ِإنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً [النساء: 167 - 169].
* وثانيهما في آخر سورة الأحزاب يقول سبحانه: يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً * إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرَا * خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا لاَّ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا [الأحزاب:63 - 65].
* وثالثها وفي آخر سورة الجن وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَالآية. وحديث الخلود لأهل الجنة بالجنة، ولأهل النار فيها بذبح الكبش في صورة الموت، حديث مشهور معروف.
مع ما رتب الله على الكفر من العذاب الشديد والسعير السرمدي، وسخطه وعقوبته ما يضيق هذا الموضع عن بسطه وتعداد أنواعه المذكورة في كلامه تعالى القرآن.
*ويدل عليه قوله سبحانه في سورة فاطر: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ [فاطر:36].
3 - ومن أهمية هذا الموضوع، موضوع الكفر أنه قسيمُ الإيمان في مسألة الأسماء والأحكام في اسم العبد في الدنيا هل هو مؤمن أو كافر؟ ثم حكم ذلك المترتب عليه في الآخرة أمن أهل الجنة؟ أم من أهل النار؟.
ولو لم يكن من أهمية البحث هذا إلا بيان جلالة هذه المسألة: مسألة الأسماء والأحكام، لكفى بذلك، وحسبك به!، وقد لفت علماء الإسلام في تصانيفهم ومؤلفاتهم الانتباه إلى موضوع الإيمان والرد على المرجئة من جهة، والرد على الوعيدية من الخوارج والمعتزلة من جهة أخرى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (الكيلانية:12/ 468) ضمن الفتاوى في معرض بيانه لموضوع الكفر والتكفير وعلاقته بالهدى، وأسبابه ودواعيه، ومنهج المبتدعة فيه: "فصل: إذا تبين ذلك فاعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة، والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا، فإن الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين، وحرم الجنة على الكافرين، وهذا من الأحكام الكلية في كل وقت ومكان .. ".
وبنحو هذا ما لخصه الحافظ ابن رجب في شرحه لحديث جبرائيل عليه السلام في الإسلام والإيمان والإحسان حيث يقول:
"وهذه المسائل: أعني مسائل الأسماء والإيمان، والكفر والنفاق، مسائل عظيمة جداً، فإن الله عز وجل علَّق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة واستحقاق الجنة والنار، والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة، وهو خلاف الخوارج للصحابة، حيث أخرج الخوارج عصاة الموحدين من الإسلام بالكلية، وأدخلوهم في دائرة الكفر، وعاملوهم معاملة الكفار، واستحلوا بذلك دماء المسلمين وأقوالهم، ثم حدث بعدهم خلاف المعتزلة وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين، ثم حدث خلاف المرجئة وقولهم: إن الفاسق مؤمن كامل الإيمان، وقد صنف العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسائل تصانيف متعددة .. "اهـ.
هذا طرف مهم من أهمية موضوع الكفر والإيمان، والتبصر فيهما وتعلم مسائلهما وإدراك ذلك إدراكاَ جيداً، مع الحذر الشديد من الانزلاق في مهاوي التكفير والتبديع والتفسيق، أو الحكم على المعَيَّن بكمال إيمان، أو جنة أو نارٍ إلا من شهد له النص الشريف من الوحيين بذلك، فهذه قاعدة أصيلة من قواعد أهل السنة والجماعة، بل ومن أصول عقائدهم.
الكفر ومعناه:
بعد تبين أهمية معرفة الكفر وتأكده على المسلم الحريص على نجاته وسلامة دينه وعاقبته، اعلم- رحمك الله- أن الكفر له في أصل معناه عدة معانٍ:
-منها الستر والتغطية، ومنه سُمي الزُّرَّاع كفاراً لأنهم يغطون البذر في الأرض، كما قال تعالى: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا [الحديد:20].
¥