محمد بن شعيب: حدثنا مروان بن جناح، عن يونس بن ميسرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استأذن أبا بكر وعمر في أمر، فقالا: الله ورسوله أعلم، فقال: أشيرا علي. ثم قال: ادعوا معاوية. فقال: أحضروه أمركم، واشهدوه أمركم، فإنه قوي أمين.
ورواه نعيم بن حماد، عن ابن شعيب ; فوصله بعبد الله بن بسر.
أبو مسهر وابن عائذ: عن صدقة بن خالد، عن وحشي بن حرب بن وحشي، عن أبيه، عن جده قال: أردف النبي -صلى الله عليه وسلم- معاوية خلفه فقال: ما يليني منك؟ قال: بطني يا رسول الله. قال: اللهم املأه علما.
زاد فيه أبو مسهر: وحلما.
قال صالح جزرة: لا يشتغل بوحشي ولا بأبيه.
بقية: عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسير ومعه جماعة، فذكروا الشام، فقال رجل: كيف نستطيع الشام وفيه الروم؟. قال: ومعاوية في القوم -وبيده عصا- فضرب بها كتف معاوية، وقال: يكفيكم الله بهذا.
هذا مرسل قوي.
فهذه أحاديث مقاربة.
وقد ساق ابن عساكر في الترجمة أحاديث واهية وباطلة، طول بها جدا.
وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربى أولادهم على ذلك. وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة، وعدد كثير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق، ونشئوا على النصب، نعوذ بالله من الهوى. كما قد نشأ جيش علي -رضي الله عنه ورعيته إلا الخوارج منهم- على حبه والقيام معه، وبغض من بغى عليه والتبري منهم، وغلا خلق منهم في التشيع. فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم، لا يكاد يشاهد فيه إلا غاليا في الحب، مفرطا في البغض، ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال؟ فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق، واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، وتبصرنا، فعذرنا، واستغفرنا، وأحببنا باقتصاد، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ -إن شاء الله- مغفور، وقلنا كما علمنا الله رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين، كسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، ومحمد بن مسلمة، وسعيد بن زيد، وخلق. وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليا، وكفروا الفريقين. فالخوارج كلاب النار، قد مرقوا من الدين، ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار، كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان.
فمن الأباطيل المختلقة:
عن واثلة مرفوعا: كاد معاوية أن يبعث نبيا من حلمه وائتمانه على كلام ربي.
وعن عثمان مرفوعا: هنيئا لك يا معاوية، لقد أصبحت أمينا على خبر السماء.
عن أبي موسى: نزل عليه الوحي، فلما سري عنه، طلب معاوية، فلما كتبها -يعني آية الكرسي- قال: غفر الله لك يا معاوية ما تقدم إلى يوم القيامة.
عن مري الحوراني، عن رجل: نزل جبريل، فقال: يا محمد ليس لك أن تعزل من اختاره الله لكتابة وحيه، فأقره إنه أمين.
عن سعد مرفوعا: يحشر معاوية وعليه حلة من نور.
عن أنس: هبط جبريل بقلم من ذهب، فقال يا محمد: إن العلي الأعلى يقول: قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية، فمره أن يكتب آية الكرسي به ويشكله ويعجمه، فذكر خبرا طويلا.
وعن ابن عباس، قال: لما أنزلت آية الكرسي، دعا معاوية، فلم يجد قلما، وذلك أن الله أمر جبريل أن يأخذ الأقلام من دواته، فقام ليجيء بقلم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: خذ القلم من أذنك، فإذا قلم ذهب مكتوب عليه لا اله إلا الله، هدية من الله إلى أمينه معاوية.
وعن عائشة مرفوعا: كأني أنظر إلى سويقتي معاوية ترفلان في الجنة.
عن علي، قال: لأخرجن ما في عنقي لمعاوية، قد استكتبه نبي الله وأنا جالس، فعلمت أن ذلك لم يكن من رسول الله، ولكن من الله.
عن جابر مرفوعا: الأمناء عند الله سبعة ; القلم، وجبريل، وأنا، ومعاوية، واللوح، وإسرافيل، وميكائيل.
¥