قال المهلب: وإنما ذلك خوف النظر إلى العورة والذريعة إليها، فيكون معنى قوله: (الفخذ عورة)، على المقاربة والجوار، وقد أجمعوا أن من صلى منكشف القبل والدبر، أن عليه الإعادة [انظر تعليق الحافظ ابن رجب الحنبلي تحت على هذا الإجماع .... فنقله الاجماع عليه إشكال] واختلفوا فيمن صلى منكشف الفخذ، فدل أن حكمه مخالف لحكم القبل والدبر لاختلاف المعنى فى ذلك.
فإن قال قائل: لم غطَّ النبىُّ ركبته حين دخل عليه عثمان بن عفان؟.
قيل: قد بَيَّن النبى، معنى ذلك بقوله: (ألا أستحى ممن تستحيى منه ملائكة السماء)، وإنما كان يخص كل واحد من أصحابه من الفضائل بما يتبين به عن غيره، ويمتاز به عمن سواه، وإن كان قد شركه غيره من أصحابه فى معنى تلك الفضيلة، وله النصيب الوافر منها غير أنه عليه السلام، إنما كان يصف كل واحد من أصحابه بما هو الغالب عليه من أخلاقه وهو مشهور فيه؛: فلما كان الحياء الغالب على عثمان استحيا منه، وغطى ركبته بحضرته، وذكر أن الملائكة تستحيى منه فكانت المجازاة له من جنس فعله.
&&&&&
وقال ابن رجب الحنبلبي رحمه الله تعالى في فتح الباري ـ (2/ 194 إلى نهاية 196):" ومراد البخاري بهذا: الاستدلال به على أن الفخذ ليست عورة، وذلك من وجهين:
أحدهما: أن ركبة أنس مست فخذ النبي (، ولم ينكر ذلك، وهذا يدل على أن الفخذ لا ينكر مسها، ولو كانت عورة لم يجز ذلك.
والثاني: حسر الإزار عن فخذ نبي الله (حتى نظر أنس إلى بياض فخذ النبي (، وسواء كان ذلك عن قصد من النبي (وتعمد له عَلَى رِوَايَة من رواه: ((حسر الإزار))، - بنصب الراء -، أو كَانَ من شدة الجري عَن غير وتعمد - عَلَى رِوَايَة من رواه: ((حُسِر الإزار))، بضم الراء - فإن النَّبيّ (استدام ذَلِكَ، ولم يرد الإزار
عليه؛ فإنه لو فعل لنقله أنس.
وأيضا، فقد تقدم حديث جابر، أن النبي (من بعد ما شد عليه إزاره حين كان ينقل حجارة الكعبة لم تر له عورة بعدها.
وروي عن عائشة، أنها قالت: ما رأيت منه ذلك (.
وقد خرجه الإمام أحمد.
ولو كان الفخذ عورة لصان الله نبيه عن أن يطلع عليه أحد.
وفي ((صحيح مسلم)) عن عائشة، قالت: كان رسول الله (مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه - أو ساقيه -، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر - وذكرت الحديث.
وهذه الرواية ليس فيها جزم بكشف الفخذ، بل وقع التردد من الراوي: هل كشف فخذيه أو ساقيه؟ فلا يستدل بذلك.
ووقع الحديث في ((مسند الإمام أحمد)) وغيره، وفيه: ((أنه كان كاشفا عن فخذه))، من غير شك، وفي ألفاظ الحديث اضطراب.
واختلف العلماء في الفخذ: هل هي عورة، أم لا؟
فقال أكثرهم: هي عورة، روي ذلك عن عطاء، وهو قول مالك، والثوري، وأبي حنيفة، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه.
وقالت طائفة: ليست الفخذ عورة، وهو قول ابن أبي ذئب، وداود، وابن جرير والطبري، وأبي سعيد الإصطخري من الشافعية، وحكاه بعضهم رواية عن مالك، وهو رواية عن أحمد رجحها طائفة من متأخري أصحابه، وحكاه بعضهم عن عطاء، وفي صحته نظر.
وحكي عن طائفة: أن الفخذ في المساجد عورة، وفي الحمام ونحوه مما جرت العادة بكشفها فيه ليست عورة، وحكي عن عطاء والأوزاعي، ورجحه ابن قتيبة
وهذا كله في حكم النظر إليها.
فأما الصلاة: فمن متأخري أصحابنا من أنكر أن يكون في صحة الصلاة مع كشفها عن أحمد خلاف، قال: لأن أحمد لا يصحح الصلاة مع كشف المنكبين، فالفخذ أولى.
قال: ولا ينبغي أن يكون في هذا خلاف؛ فإن الصلاة مأمور فيها بأخذ الزينة، فلا يكتفى فيها بستر العورة.
والمنصوص عن أحمد يخالف هذا:
قال مهنا: سألت أحمد عن رجل صلى في ثوب ليس بصفيق؟ قال: أن بدت عورته يعيد، وإن كان الفخذ فلا. قلت لأحمد: وما العورة؟ قالَ: الفرج والدبر.
وقد حكى المهلب بن أبي صفرة المالكي في ((شرح البخاري)): الإجماع على أن من صلى مكشوف الفخذ لا يعيد صلاته. وهو خطأ. [انتبه هنا التعليق!! على ما سبق وأن نبهتك عليه بالأعلى:)]
والله تعالى أعلى وأعلم ...
ـ[ابو سلطان البدري]ــــــــ[26 - 07 - 09, 06:25 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا علي وزادكم علما وفهما