تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هداية الأباء إلى حكم الاتكاء (الحلقات) (1) (2) (3).]

ـ[يحيى العدل]ــــــــ[05 - 06 - 02, 12:10 ص]ـ

الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على خير خلقه، وبعد فهذا مبحث لطيف في حكم الأكل متكئًا كنت كتبت بعضه قبل مدة ثم حالت بعض الأسباب دون إكماله فنعود إليه بأوسع مما ذكرنا قبل ..

تنويه: تم إنزاله على ثلاث حلقات سابقة .. وقد فقدت منه الحلقة الثانية .. وسيعاد الآن مجموعًا هنا ..

الحلقة الأولى

قال في ((النهاية)): ((المُتَّكئ في العربية كل من اسْتوى قاعدًا على وِطاءٍ مُتمكنًا.

والعامَّةُ لا تَعرِفُ المُتكِئ إلاَّ مَن مال في قُعوده مُعتمِداً على أحد شِقَّية.

والتاء فيه بدل من الواو.

وأصله من الوِكاء وهو ما يُشَد به الكيس وغيره، كأنه أوكأ مَقْعَدَته وشدّها بالقعود على الوِطاَء الذي تحته)).

وقال المناوي في (الفيض): ((واعلم أن الاتكاء أربعة أنواع الأول أن يضع يده على الأرض مثلا الثاني أن يتربع الثالث يضع يده على الأرض ويعتمدها الرابع أن يسند ظهره وكلها مذمومة حال الأكل لكن الثاني لا ينتهي إلى الكراهة وكذا الرابع فيما يظهر بل هما خلاف الأولى)).

وقد عد القرطبي في (تفسيره) الأكل متكئًا من المحرمات على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: خص الله تعالى رسوله في أحكام الشريعة بمعان لم يشاركه فيها أحد في باب الفرض والتحريم والتحليل مزية على الأمة وهبت له ومرتبة خص بها ففرضت عليه أشياء مافرضت على غيره وحرمت عليه أفعال لم تحرم عليهم وحللت له أشياء لم تحلل لهم منها متفق عليه ومختلف فيه ... وأما ما حرم عليه فجملته عشرة ... (وذكر منها): الأكل متكئًا.

قلت: ورد في ذلك حديث في (الصَّحيح) من رواية أبي جُحيفة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا آكل متكئًا.

وله سبب ورد في رواية من حديث عبد الله بن بسر قال أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فجثى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه يأكل، فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال: إن الله جعلني عبدًا كريمًا ولم يجعلني جبارًا عنيدًا.

أخرجه ابن ماجه.

قال البوصيري في (المصباح): ((هذا إسناد صحيح)). وحسنه الحافظ ابن حجر.

فظاهر الحديث أن مراده عليه الصلاة والسلام من الأكل متكئًا التواضع.

أو أن المعنى: إني إذا أكلت لم أقعد مُتَمكِّنًا فعلَ من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بُلْغَة، فيكون قعودي له مُسْتَوْفِزاً.

وقد حمل البعض الاتكاء المذموم على عمومه في حقه عليه الصلاة والسلام وحق غيره، وأن المراد به المَيل إلى أحد الشَّقَّين تأوّله على مذهب الطّب، فإنه لا يَنْحَدر في مجارِي الطعام سَهْلاً، ولا يُسِيغُه هنيئاً، وربَّما تأذَّى به.

قال المناوي في (الفيض): ((أمَّا أنا فلا آكل متكئا أي مُتمكِّنا مُعتمدًا على وطاءٍ تحتي أو مائلا إلى أحد شقي ومن فهم أن المتكئ ليس إلا المائل إلى أحدهما فقد وهم.

إذ كل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ وفي إفهام قوله أما أنا جعل الخيار لغيره على معنى أما أنا أفعل كذا وأما غيري فبالخيار فربما أخذ منه أنه غير مكروه لغيره)).

وقال المناوي (في موضعٍ آخر): ((يُحتمل لا آكل مائلاً إلى أحد الشقين مُعتمدًا عليه وحده أو لا آكل وأنا متمكن من القعود أو لا آكل وأنا مسند ظهري إلى شيء ورجح العصام الثاني بأنه أقرب إلى الاستعمال العربي لقول ابن الأثير عن الخطابي المتكى ء في العربية المستوي قاعدا على وطاء متكئا والعامة لا تعرف المتكى ء إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه اهـ.

وما اعتمد عليه لا يعول عليه فقد تعقبه المحقق أبو زرعة بالرد فقال ظاهر كلامه أنه لا معنى للاتكاء إلا ما ذكره وهو مردود إلا أن يريد تفسير المتكى ء في الحديث الذي ذكره دون غيره ومع ذلك فهو ممنوع فلم أجد في الكتب المشهورة في اللغة تفسير الاتكاء بالمعنى الذي ذكره أصلا وإنما فسروه بالميل إلى أحد الشقين كما في هذا الحديث اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير