وهذا القول الذي قالوه في هذه الآية مع كثرتهم وجلالتهم لا شك في بطلانه، لأن الله صرح بنقيضه في سورة فاطر، ولا شك أن كل ما ناقض القرآن فهو باطل، وذلك في قوله: " وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " [فاطر: 12] فالتنوين في قوله: " وَمِنْ كُلٍّ " تنوين عوض أي من كل واحد من العذب والملح تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وهي اللؤلؤ والمرجان وهذا مما لا نزاع فيه.
وقد أوضحنا هذا في سورة الأنعام في الكلام على قوله: " يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم " ............ ا. هـ.
وقد علق الشيخ عطية سالم بقوله: هذا الاستنتاج الذي توصل إليه فضيلة الوالد - رحمه الله - يعتبر فتحا لأنه توصل إليه استنتاجا فجاء الواقع يشهد بذلك وإن لم يطلع عليه - رحمه الله -.
وقال الشنقيطي أيضا في الأضواء (2/ 188) عند قوله تعالى: " يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ " [الأنعام: 130] ":
قال بعض العلماء: المراد بالرسل من الجن نذرهم الذين يسمعون كلام الرسل، فيبلغونه إلى قومهم ويشهد لهذا أن الله ذكر أنهم منذرين لقومهم في قوله: " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف: 29].
وقال بعض العلماء: " رُسُل مِنْكُمْ " أي من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس: لأنه لا رسل من الجن ويستأنس لهذا القول بأن القرآن ربما أطلق فيه المجموع مرادا بعضه كقوله: " وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا " [نوح: 17]، وقوله: " فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا " [الشمس: 14] مع أن العاقر واحد منهم، كما بينه بقوله: " فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ " [القمر: 29].
واعلم أن ما ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - وغيره من أجلاء العلماء في تفسير هذه الآية من أن قوله: " يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان " [الرحمن: 22] يراد به البحر الملح خاصة دون العذب غلط كبير، لا يجوز القول به. لأنه مخالف مخالفة صريحة لكلام الله تعالى، لأن الله ذكر البحرين الملح والعذب بقوله: " وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " [فاطر: 12]، ثم صرح باستخراج اللؤلؤ والمرجان منهما جميعا بقوله: " وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا "، والحلية المذكورة هي اللؤلؤ والمرجان، فقصره على الملح مناقض للآية صريحا كما ترى.ا. هـ.
ومع فائدة أخرى إن شاء الله.
جزاك الله خيرا يا ابا عبد العزيز
افضل مختصر حسب علمي وهو قليل
هو مختصر الشيخ محمد الحمود النجدي حفظه الله
واصل وفقك الله لك هدى وفلاح وخير وصلاح
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 06 - 02, 11:35 م]ـ
أرى تعديل العنوان إلى: انتقادات الشنقيطي على تفسير ابن كثير
أيضاً إذا أردت انتقاد ما قاله بعض العلماء من أن الجن لهم رسل، فعليك بالإجابة على الأدلة التي جاء بها ابن حزم.
أما الآية فهي شاهدٌ عليك لا لك. فهل عندك يا أخي دليل صريح على مذهبك؟
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[23 - 06 - 02, 11:35 ص]ـ
الحمد لله
الأخ الكريم /محمد الأمين ـ وفقه الله لما فيه نفع الناس اجمعين ـ آمين
أنا أخالفك الرأي
العنوان جيد واظن أن الشيخ عبد الله جعل هذا البحث على شكل سلسلة
وأختيارك عنوان (انتقادات الشنقيطي على تفسير ابن كثير) غير جيد
لأن الكاتب اراد ذكر فائدة سنحة له وهو تعقيب للشيخ الشنقيطي رحمه الله فقط لا غير
والله اعلم