[مصطلح رواه الجماعة عند الحنابلة]
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 10 - 02, 09:55 ص]ـ
[مصطلح رواه الجماعة عند الحنابلة]
د. عبد الرحمن بن علي بن سليمان الطريقي
أستاذ مساعد - قسم الدراسات الإسلامية- كلية التربية
جامعة الملك سعود - الرياض
ملخص البحث
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذا البحث يتناول مصطلحاً خاصاً بفقه الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ المنقول عنه مباشرة، وقد جاء التعبير عن هذا المصطلح (رواه الجماعة) بصيغ متعددة في كتب المذهب الحنبلي، تعود جميعها إلى معنى واحد.
وقد وضع هذا المصطلح تلميذ تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ أبو بكر الخلال؛ حيث عبّر به في ديوانه العظيم (الجامع) الذي جمع فيه روايات الإمام أحمد من فيّ تلاميذ الإمام مباشرة أو بواسطة.
ويعني بهذا المصطلح (رواه الجماعة) أن الرواية نقلها عن الإمام أحمد في تلك المسألة جمع من تلاميذ الإمام يصدق عليهم وصف الجماعة من غير تحديد بعدد أو معدود محددين.
وهذا ما سار عليه من جاء بعد الخلال من فقهاء الحنابلة، ولم يعرف تحديد هذا المصطلح بعدد ومعدود محددين إلا عند بعض متأخري الأصحاب.
ويظهر مما تقدم أن مصطلح (رواه الجماعة) بدأ مع بدايات تدوين فقه الإمام أحمد - رحمه الله-
مقدمة
إن الحمد لله، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ([1])، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فإن المصطلح علم و فن قائم بنفسه، مختلف باختلاف العلوم وتنوعها، فلكل علم اصطلاحاته التي تخصه، فهو علم يكشف المعاني، ويزيل الغموض، ليدل على مفهوم يتناوله عند إطلاقه، وهو وسيلة ومفتاح للعلم، وضرورة علمية، به تلتقي العقول على دلالات واضحة تنفي اللبس وتدفع الوهم، وهذا دليل أهميته وبرهان منزلته.
والمصطلحات قد تكون عامة أو خاصة، شرعية أو وضعية، وقد اعتنى العلماء واهتموا بهذه المصطلحات، فصنفوا مصنفات عظيمة، منها مصنفات اعتنت بمصطلحات العلوم عامة ككتاب (التعريفات) ([2])،وكتاب (الكليات) ([3]) وكتاب (كشاف اصطلاحات الفنون) ([4])، ومنها ما هو خاص بفن أو علم من العلوم، ومن تلك العلوم التي لها مصطلحاتها الخاصة: العلوم الشرعية على اختلافها، ومما صنف فيها على سبيل المثال: (المفردات في غريب القرآن) ([5])، ولدى المحدثين علم (مصطلح الحديث) وفيه مصنفات كثيرة من أشهرها كتاب: (علوم الحديث) ([6])، وفي الفقه نجد كتباً عدة ألفت على اختلاف المذاهب الفقهية منها: كتاب (طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية) ([7]) عند الحنفية ([8]) وعند المالكية كتاب: (الحدود) ([9]) وغيره، وعند الشافعية كتاب (حلية الفقهاء) ([10]) وغيره، وعند الحنابلة كتاب: (تهذيب الأجوبة) ([11])، و (المطلع على أبواب المقنع) ([12]) وغيرهما ([13]) ([14])، والمذهب الحنبلي شأنه شأن المذاهب الفقهية الأخرى، له اصطلاحاته الخاصة بإمامه وأصحابه، ومن جملتها مصطلح (رواه الجماعة).
وكنت أثناء إعداد رسالتي للدكتوراه أرى هذا المصطلح (رواه الجماعة) يتكرر كثيراً في كثير من مدونات الحنابلة الفقهية، لكن هذا المصطلح لم يحض بعناية الباحثين ـ فيما اطلعت عليه ـ الذين قاموا بتحقيق تراث المذهب الحنبلي في رسائل علمية أو غيرها، فأشكل عليّ كثيراً وبخاصة إذا جاء تفسير المصطلح متفاوتاً عند بعض المصنفين مما يجعل الباحث في حيرة عند إرادة تحديد المراد به؛ لهذا كان هذا البحث المتواضع، ومن الله أستمد العون والتوفيق.
وقد انتظمت خطة البحث على مقدمة وتمهيد وموضوع؛ أما المقدمة ففي بيان أهمية هذا الموضوع وسبب البحث فيه، وأما التمهيد ففي بيان معنى الرواية والجماعة، وأما الموضوع ففي الفصول الآتية:
الفصل الأول: في صيغه.
الفصل الثاني: في نشأة مصطلح (رواه الجماعة).
الفصل الثالث: في واضع هذا المصطلح، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: من وضعه؟
المبحث الثاني: ترجمته.
الفصل الرابع: المراد به عند الحنابلة.
¥