تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ـ وفي معنى الصيغة المتقدمة ما عبر به بعض الأصحاب عنه بقولهم: (نقل الجماعة) أو (نقلها الجماعة) ([37]).

3 ـ صيغة (رواه جماعة) أو (نقل جماعة) والتعبير بهذه الصيغة المجردة من «أل» كثير في مصنفات الأصحاب ([38]).

وهذه الصيغة تأتي بمعنى (رواه الجماعة)، وقد يراد بها معنى آخر تكون في مقابلة رواية أخرى رواها جماعة آخرون ([39])، ونحو ذلك، ومما يدل على أنها تأتي بمعنى (رواه الجماعة) ما يأتي:

أ ـ جاء في المغني [40] في مسألة «الذمي إذا أعتق لزمته الجزية لما يستقبل، سواء كان المعتق مسلماً أو كافراً» قول الموفق ([41]): «هذا الصحيح عن أحمد، رواه جماعة ... ». ثم ذكر الموفق عن أحمد رواية أخرى، وعقب بقوله: «وهَّن الخلال هذه الرواية، وقال هذا قول قديم، رجع عنه أحمد، والعمل على ما رواه الجماعة ... ».

فهنا الموفق عبر في صدر المسألة بقوله: (رواه جماعة)، وحين نقل كلام الخلال جاء فيه: «والعمل على ما رواه الجماعة». وهذا يدل على اتحاد الصيغتين في المعنى؛ وإلا لما عبر الموفق بذلك ـ والله أعلم ـ.

ب ـ جاء في المغني ([42]) في حدِّ العورة للرجل: « ... فالكلام في حد العورة، والصالح في المذهب أنها من الرجل ما بين السُّرَّة والرُّكبة. نصَّ عليه أحمد في رواية جماعة ... ».

وفي الإنصاف ([43]): «الصحيح من المذهب أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة. وعليه جماهير الأصحاب. نص عليه في رواية الجماعة».

ومثله أيضاً ما جاء في المغني ([44]): «ولا تكره قراءة أواخر السُّور وأوساطها في إحدى الروايتين. نقلها عن أحمد جماعة ... ».

وفي الإنصاف ([45]): «قوله: ولا يكره قراءة أواخر السور وأوساطها. هذا المذهب. نقله الجماعة ... ».

جـ ـ قال ابن القيم ([46]) ـ في معرض حديثه عن مسقطات وجوب الختان ـ: «أن يُسلم الرجل كبيراً ويخاف على نفسه منه، فهذا يسقط عنه عند الجمهور، ونص عليه الإمام أحمد في رواية جماعة من أصحابه» ([47]).

وجاء في الفروع ([48]) في كلامه عن هذه المسألة، وبعد ذكره للروايات قال: «قال أبو بكر: والعمل على ما نقله الجماعة، وأنه متى خشي عليه لم يختتن ... ».

د ـ جاء في شرح الزركشي ([49]): «ونقل عنه جماعة: أن من ملك خمسين درهماً، أو قيمتها من الذهب وإن كان حلياً، فهو غني وإن لم تحصل له الكفاية ... » ([50]).

وفي الفروع ([51]): «ونقل الجماعة ([52]): لا يأخذ من ملك خمسين درهماً أو قيمتها ذهباً وإن كان محتاجاً ... ».

هـ ـ جاء في أهل الملل والردة، للخلال ([53]) في مسألة تزوج المسلم بأمة كتابية أن الجماعة نقلوا منعه عن الإمام أحمد.

وفي المغني ([54]) حين ذكر رواية منع المسلم من التزوج بأمة كتابية قال: «هذا ظاهر مذهب أحمد، رواه عنه جماعة».

ومما تقدم عرضه من النصوص نجد أن التعبير بصيغة (رواه جماعة) ونحوها يأتي بمعنى (رواه الجماعة)، حيث عبر بعض الأصحاب في المسائل المتقدمة بإحداهما، بينما عبر آخرون بالأخرى، وهذا يدل على عدم التفريق بينهما، وأن التعبير بهما سائغ لإفادته معنى الآخر؛ وإلا لما عبروا بذلك. والله أعلم.

الفصل الثاني: نشأة هذا المصطلح (رواه الجماعة)

كان الإمام أحمد لا يرى تدوين فقهه بل منع من تدوينه، وشدَّد في نهيه، فلم يكن ـ رحمه الله ـ يرى تدوين الرأي، وكان يحث على الرجوع إلى الدليل والأخذ منه، والاعتماد عليه لا على رأيه وفتواه، فلم يصنف كتاباً مستقلاً في الفقه ([55]). قال المَرُّوذِي ([56]): «وسألته عن أبي بكر الأثرم ([57])، قلت: نهيت أن يكتب عنه؟ قال: لم أقل إنه لا يكتب عنه الحديث، إنما أكره هذه المسائل» ([58]).

وقال ابن الجوزي ([59]): «وكان ينهى الناس عن كتابة كلامه، فنظر الله ـ تعالى ـ إلى حسن قصده، فنقلت ألفاظه وحفظت، فقل أن تقع مسألة إلا وله فيها نص من الفروع والأصول، وربما عدمت في تلك المسألة نصوص الفقهاء الذين صنفوا وجمعوا» ([60]).

ويقول ابن القيم ([61]): «وكان ـ رضي الله عنه ـ شديد الكراهة لتصنيف الكتب، وكان يحب تجريد الحديث، ويكره أن يكتب كلامه، ويشتد عليه جداً».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير