تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وليس بمتروك، يكتب حديثه "، أي: للاعتبار والاستشهادبه، ولذلك قال ابن سعد: " كان له رأي وفتوى، وبصر وحفظ للحديث، فكنت أكتب

عنه لنباهته ".

قلت: فمثله يمكن الاستشهاد بحديثه؛ فيقوى الحديث به.

وأما قول الحافظ المتقدم فيه: لعله سرقه من ابن المحرر؛ فهو مردود

بأن أحدا لم يتهمه بسرقة الحديث مع كثرة ماقيل فيه، والله أعلم ".

تنبيه: ذكر الحافظ في "فتح الباري" (9/ 595): أن أبا الشيخ أخرجه

من طريق آخر: من رواية أبي بكر المستمليعن الهيثم بن جميل وداودبن

المحبر قالا: حدثنا عبدالله بن المثنىعن ثمامة عن أنس، وداودصعيف

لكن الهيثم ثقة ".

قلت: ضعف داود بن المحبر لا يضر الإسنادشيئا؛ لأنه متابع بثقة، وهو

الهيثم بن جميل.

(تنبيه آخر): تناقض كلام الحافظ رحمه الله في هذا الحديث تناقضا عجيبا غريبا؛ فقد قال في " فتح الباري" (9/ 595):" ... وعبدالله من رجال البخاري؛ فالحديث قوي الإسناد، وقد أخرجه محمد بن الملك بن أيمن عن إبراهيم بن إسحاق عن عمرو الناقد،وأخرجه الطبراني في"الأوسط"

عن أحمد بن مسعود كلاهما عن الهيثم بن جميل وحده به، فلولا مافي

عبدالله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحا؛لكن قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: لا أخرج

حديثه، وقال ابن حبان في " الثقات": ربما أخطأ،ووثقه العجلي والترمذي وغيرهما؛ فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة ".

قال شيخنا في " الصحيحة " (6/ 504/505): " وأما الحافظ ابن حجر

فقد تناقض كلامه في هذا الحديث تناقضا عجيبا؛ فهو تارة يقويه، وتارة

يضعفه في المكان الواحد ...

وهذا الاطلاق فيه نظر؛ يتبين لك من شرحنا السابق لتفريق البخاري بين رواية عبدالله بن المثنى عن عمه؛ فاحتج بها، وبين روايته عن غيره،

فاعتبر بها، وهو مما استفدناه من كلام الحافظ نفسه في "المقدمة ":

فلعله لم يستحضره حين كتب هذا الإطلاق.

غير أن ابن المثنى لم يتفرد بالحديث ... ".

(تنبيه ثالث): قال النووي في " المجموع شرح المهذب" (8/ 431):

" وهذا حديث باطل ".

قال شيخنا في " الصحيحة " (6/ 505): " وإذا تبين لك ماتقدم من

التحقيق ظهر لك أن قول النووي (وذكره) أنه خرج منه دون النظر في الطريق الثاني وحال رواية ابن المثنى في الرواية، ولا وقف على المتابعة

المذكورة ".

وأخرجه البزار في " مسنده " 02/ 1237ـ كشف)، وعبدالرزاق في

"مصنفه " (4/ 329/7960)، وابن عدي في "الكامل " (5/ 1452)،والبيهقي

(9/ 300)، وابن المديني في " العلل" (58)،والروياني في " مسنده "

(2/ 386/1371) من طريق عبدالله بن المحرر عن قتادة عن أنس به.

قال البزار: " تفرد به عبدالله بن المحرر، وهو ضعيف جدا إنما يكتب عنه مالايوجد عندغيره ".

وقال الحافظ ابن عبدالبر في " الاستذكار" (5ا/377): " وعبدالله بن محرر ليس حديثه بحجة ".

وقال البيهقي كما في " التلخيص الحبير " (1/ 147):" منكر، وفيه عبدالله بن محرر ضعيف جدا "

وقال في " السنن الكبرى " (9/ 300): قال عبدالرزاق: إنما تركوا عبدالله بن محرر لحال هذا الحديث ".

وقال النووي في " المجموع " (8/ 432): " وعبدالله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه "

وقال الحافظ: " متروك ".

قلت: فالإسناد واه بمرة لا يفرح به ولا كرامة.

وبالجملة فالحديث صحيح من الطريق الأول، والله أعلم.

(تنبيه): قال الحافظ رحمه الله في " فتح الباري " (9/ 595):

" ويحتمل أن يقال: إن صح هذا الخبر كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم، كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمته ".

قلت: هذا الاحتمال مرجوح من وجوه:

1ـ الخصائص النبوية لا تثبت إلا بدليل، صحيح صريح.

2ـ أن بعض السلف ذهب إلى العمل بهذا الحديث مما يدل على أنه ليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم.

عن محمد بن سيرين قال: " لو أعلم أنه لم يعق عني لعققت عن نفسي ": أخرجه ابن ابي شيبة في " المصنف " (8/ 235 ـ236/ 4288)

وعن الحسن البصري قال: " إذا لم يعق عنك؛ فعق عن نفسك،وإن

كنت رجلا ": أخرجه ابن حزم في " المحلى " (8/ 322) بإسناد حسنه شيخنا ـ رحمه الله ـ في" الصحيحة " (6/ 506).

قال مبارك: وبعد النظر في كلام الشيخين عاصم وسليم يختار أيهما

أقرب إلى الصواب (المضعف) أم (المصحح) ولا حرج عليه ولا لوم بعد ذلك المهم أن لا يصدر منه مايسىء للآخر؛ لأن البحث علمي مبني على النزاهة والتجرد للحق، لا للتعصب والتنقص من أقدار الآخرين.

ـ[أبو يوسف السبيعي]ــــــــ[28 - 03 - 04, 02:13 ص]ـ

لكن يبقى النظر هل المسألة مبنية على حديث أنس فقط، وهل من قال بمشروعية العقيقة للكبير الذي لم يعق عنه ليس له في المسألة إلا هذا الدليل.

الظاهر خلاف هذا.

وهذا كلام الإمام أحمد، وقد حكم بنكارة حديث أنس.

قال الميموني: قلت لأبي عبد الله إن لم يعق عنه، هل يعق عن نفسه كبيراً؟ فذكر شيئاً يروى عن الكبير وضعفه، ورأيته يستحسن إن لم يعق عنه صغيراً أن يعق عنه كبيراً.

قلت: أبوه معسر ثم أيسر فأراد أن لا يدع ابنه حتى يعق عنه، قال: لا أدري ولم أسمع في الكبير شيئاً ثم قال: ومن فعله فحسن، ومن الناس من يوجبه.

[تحفة المودود]

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير