قال البخاري رحمه الله في صحيحه (1638) حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم (من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا)، فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة،فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة)، ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت فقال: (هذه مكان عمرتك)
((فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى
وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا))
وأخرجه مسلم (1211)
فهذه اللفظة (
فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا واحدا بعد أن رجعوا من منى
وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا)
لم يذكرها إلا الزهري ولا عن الزهري إلا مالك،
وقد روى الحديث جمع من الرواة عن عائشة ولم يذكروا هذه اللفظة، وكذلك رواه جمع عن عن عروة ولم يذكرها أحد،وسيأتي الكلام على رواية عبدالرحمن بن القاسم بإذن الله تعالى.
وقد ذهب ابن تيمية رحمه الله، إلى أن هذه اللفظة مدرجة من قول الزهري، وليست من قوله عائشة رضي الله عنها.
ولعلنا نتكلم عن معنى الإدراج وكلام العلماء عن ادراج الزهري خاصة
تعريف المدرج:
قال ابن الصلاح في علوم الحديث (ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته، بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاما من عند نفسه، فيرويه من بعده موصولا بالحديث، غير فاصل بينهما بذكر قائله، فلتبس الأمر فيه على من لايعلم حقيقة الحال، ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى
الكلام على ادراج الزهري:
من المعروف عن أهل العلم إكثار الزهري رحمه الله من الإدراج وهذا واضح لمن تتبع كلام العلماء في ذلك.
ولعلي أذكر بعض النقول لتوضيح هذا الأمر:
قال ابن حجر رحمه الله،في النكت على ابن الصلاح (2/ 829) (وكذا كان الزهري يفسر الأحاديث كثيرا، وربما أسقط أداة التفسير، فكان بعض أقرانه ربما يقول له: افصل كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى
وقال ابن حجر في فتح الباري (12/ 139)
(وهذا التفسير مدرج في الخبر وكأنه من قول الزهري،لما عرف من عادته أنه كان يدخل كثيرا من التفسير في أثناء الحديث كما بينته في مقدمة كتابي في المدرج) انتهى
وقال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (4/ 383) (وهذا يدل على أن في هذا الحديث ألفاظا أرسلها الزهري وكانت تلك عادته أنه يدرج في أحاديثه كلمات يرسلها أو يقولها من عنده) انتهى
وقال ابن رجب في فتح الباري (8/ 12) (فإن الزهري كان كثيرا ما يروي الحديث، ثم يدرج فيه أشياء بعضها مراسيل، وبعضها من رأيه وكلامه) انتهى
أمثلة على ادراج الزهري
على سبيل المثال
فتح الباري لابن حجر (4/ 181و184و254و442)
و (5/ 310و351و365و354)
و (6/ 557) و (8/ 4) و (9/ 452و597و (10265و (12/ 139و163و168)
وفتح الباري لابن رجب (5/ 195) و (5/ 308) و (7/ 94) و (8/ 12)
وفي كتاب الفصل للوصل المدرج في النقل لللخطيب البغدادي والمدرج للسيوطي يوجد أمثلة كثيرة على إدراج الزهري رحمه الله.
واذا تأملت في هذه اللفظة رأيتها في آخر الحديث، بعد انقضاء الحديث
وهذه قرينة على الإدراج، وهذه عادة الزهر ي في الإدراج في الغالب، وكذلك عدم ذكر أحد ممن روى هذا الحديث،هذه اللفظة، غير الزهري، مما يدل على ذلك.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[20 - 12 - 02, 10:25 ص]ـ
تنبيه:
قول ابن القيم في زاد المعاد (2/ 274) (أو يعلل حديث عائشة بأن تلك الزيادة مدرجة من قول هشام) فيه نظر،ولعله وهم في ذلك رحمه الله وانما هو الزهري وليس بهشام.
وبالنسبة لقول الشيخ الألباني رحمه الله (
قلت:حديث عائشه صحيح لاشك فيه، وما اعل به لايساوى حكايته،كما عرفت ومما يؤكد ذلك شيئان:
¥