تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فما رأيُّك لو صَلَّىَ أحدُهم على النَّبي (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) في رُكوع الصلاة أو سجودِها؟! بل أقولُ لَك: ما رأيَّك لو عَطسَ أحدُ المُكَلَّفين؛ فقال: "الحَمدُ لله، والصلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ الله (صَلَّىَ الله عليه وآلِه وَسَلَّم) "؟!! أو لم يَقُل: "الحَمدُ لله" وصلى وَسَلَّم فَقَط؟! أنقولُ لَه: لقد أحسَنتَ ولم تَبتَدِع في الدِّين؛ لأنَّ الصلاةَ والسلامَ علَى رَسُولِ الله (صَلَّىَ الله عليه وآلِه وَسَلَّم) كلامًا طَيِّبًا حَسَنًا؟!!

بل ثَبَت أنَّ رَجُلا عَطَس فقال: الحَمدُ لله، والسَّلامُ على رَسُولِ الله. فقال (عَبدُ اللهِ بن عُمَر) –رَضيَ اللهُ عَنهما-: وأنا أقولُ: الحَمدُ لله، والسَّلامُ على رَسولِ الله، وليسَ هكذا عَلَّمَنَا رَسولُ اللهِ (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)! عَلَّمَنَا أن نَقولَ: "الحَمدُ للهِ عَلَىَ كُلِّ حال" [رواه التِّرمذي: (2738)].

"فانظُر كيف أنكَرَ (ابنُ عُمَرَ) –رَضيَ الله عَنهما- وَضعَ الصلاة بجانِب الحَمد؛ بِحُجَّةِ أنَّه (صَلَّىَ اللهُ عليه وَسَلَّم) لم يَصنَع ذلِك، مع تَصريحِه بأنَّه يُصَلي على النَّبي (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)؛ دَفعًا لِمَا عَسى أن يَرِد على خَاطِر أحَد أنَّه أنكَرَ الصلاة عليه (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) جُملَةً! كما يتوهَمُ ذلك بَعضُ الجَهَلة حينما يَرَون أنصارَ السُّنَّة يُنكِرون هذه البِدْعَة وأمثالَها، فيَرمونَهم بأنَّهم يُنكِرون الصلاةَ عليه، صَلَّىَ اللهُ –تعالَى- عليه وآله وَسَلَّم، هداهُم اللهُ –تعالَى- إلى اتباعِ السُّنَّة" اهـ نَقلا مِن كلام العلامة (الألباني) –رَحِمَه الله- في «سِلسِلَة الأحاديث الضَّعيفة»: (2/ 294، طـ المَكتَب الإسلامي). فتأمَّل هذا الكلامَ المُبارَكَ –إن شاء اللهُ تعالى!

ومِمَّا يَحسُن نَقْلُه هُنا بِخصوص هذا الأثر قَولَ الإمام (ابْن العَرَبي) –رَحِمَه اللهُ تَعالَى- عِندَ شَرحِه له في «تُحفَة الأحوَذي»: "الأدب مُتابَعَةُ الأمر مِن غَير زيادَةٍ ونُقصان مِن تِلقاء النَّفس إلا بِقياسٍ جَليّ" اهـ؛ فتأمَل!

فالحاصِلُ أنَّ ما أطلَقَه الشَّارِعُ لا يَجوزُ لنا أن نَلتَزِم تَقييدَه بِبَعضِ المواضِع أو الأزمِنَة أو الهَيئات زاعِمين أنَّنَا نَتَعبَّدُ الله بِه!

ومِثالا عَلى ذَلِك: رَفع اليَّدَين في الدُّعاء؛ فقد ثَبَت بالتواتُّر المَعنَوي أنَّ النَّبيَّ (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم) كان يَرفَع يَدَيه في الدُّعاء، وهذا نَصٌّ عامٌ؛ ومَع ذَلِك "لَمَّا فَعَلَه بَعضُهم في مَوطِن لم يَفعلْه رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليه وعلى آلِه وَسَلَّم) فيه؛ أنَكَر صاحِبُ رَسولِ الله (صَلَّى اللهُ عَليه وعلى آلِِه وَسَلَّم) عَليه: فَعن (عِمارَة بن رؤيبة) –رَضيَ اللهُ عَنه- أنَّه رأى (بِشر بن مَروان) على المِنبَر رافِعًا يَدَيه، فقال: "قَبَّح اللهُ هاتَين اليَدَين؛ لَقَد رأيتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى الله عَليه وَسَلَّم) ما يَزيدُ عن أن يَقول بيَدِه هكذا؛ وأشار بإصبُعِه السَّبابَة" [رواه مُسلِم: (874)] " [بِتَصَرُّفٍ مِن كِتاب «الانتصار للحَقِّ وأهلِ العِلم الكِبَار» / للشيخ (أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين) –أثابَه اللهُ تَعالَى، ص 35: 36].

فانظُر –أخي- إنكار الصَّحابَة –رَضيَ اللهُ عَنهم- على عِبادَةٍ لها أصلٌ عام فَعَلَه رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم) في مواطِن ولم يَفعلْه في أخرَى، فكيف بشيء لم يَفعلْه رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم) قَطُّ في حياتِه "كَقول (صَدَقَ اللهُ العَظيم) بعد التلاوة"؟!! لا شكَ أنَّ الإنكارَ مِنهم –رَضيَ الله عَنهم- كان سَيكون أشَدَّ وأنكَى!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير