تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وُجِد- هو الأفضَلُ باتفاقِ المُسلمين؛ فخيرُ الهَدي هَديُ مُحَمَّدٍ (صَلَّىَ اللهُ عَليه وآلِه وَسَلَّم).

أمَّا الذي لا يَستطيعُ حِفظَ هذه الأدعية المُقَيَّدَة فلا يجوزُ له ابتداعُ دُعَاءٍ مَخصوصٍ يلتَزِمُه طُوال حَياتِه؛ فهذا هو الذي نُبَدِّعُ فِعلَه. أمَّا إن كَانَ يَدعو بما يَستطيعُ ويَجتَهِدُ قَدْر طاقَتِه لإصابَةِ السُّنَّة فأتَى بِألفاظٍ ليسَت مأثورَةً عَن النَّبيِّ (صَلَّىَ اللهُ عليه وَسَلَّم)؛ فهذا مأجورٌ إن شاء اللهُ تعالَى؛ لأنَّه (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إلا وُسعَهَا) [البقرة: 286].

ثالِثًا: كلامُك –أخي- فيه إيماءٌ بالسُّخريَة والاستِهزاء بالمُخَالِف؛ بل صَرحتَ –أخي- في مُشارَكَتِك الأخيرَة بذلك أبلَغ تَصريح؛ حيث قُلتَ عَن أخينا (صافي النيَّة): "صاحب النيَّة الصافيَة"، وقُلتَ: "أنا أتبع مَدرسَة العِلم الفِقهي وليس العِلم النَّقْلي المُتَجَمِّد"!!! وفي نِهايَة مُشارَكَتِك هذه ما يؤكِدُ ذَلِك!

وهذا ليس مِن خُلُقِ المُسلِم؛ قَالَ اللهُ –تعالَى-: (يا أيُّها الذين آمَنوا لا يَسخَرْ قَومٌ مِن قَومٍ عَسَى أن يَكونُوا خَيرًا مِنهم) [الحُجُرات: 11]، وقَالَ –تَعالَى-: (ما يَلفِظُ مِن قَولٍ إلا لَدَيهِ رَقيبٌ عَتيد) [ق: 18]، وقَالَ رَسولُ اللهِ (صَلَّىَ اللهُ عَليه وآلِه وَسَلَّم): "بِحَسبِ امْرىءٍ مِن الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخَاهُ المُسلِم" [رواه مُسلِم]، وقَال: "مَن كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِر فَليَقُل خَيرًا أو ليَصمُت" [مُتفق عَليه].

هَداني اللهُ وإيَّاك إلى ما يُحِبُّ ويَرضَى.

(3) قَولُك: "مَعَ أنَّ النَّبيَّ (عليه الصلاةُ والسَّلام) سَمِعَ أعْرابيًّا يَدعُو بِدُعاءٍ مِن عِندِ نَفسِه يَقولُ فيه: "اللهمَّ إني أسألُك بأنَّ لكَ الحَمدُ لا إلَه إلا أنتَ الحَنَّانُ المَنَّانُ ... "، فقَالَ (عَليه الصَّلاةُ والسَّلام): "لقد دَعَا اللهَ باسمِه الأعْظَم لَم يَقُل لَه: يا هذا انك [كذا؛ والصواب: إنَّك؛ فالهَمزَةُ هَمزَةُ قَطْعٍ لا وَصل] ابتدعت دُعَاءً لم آمُر به" اهـ.

قُلتُ: الحَديثُ بهذا اللفظ –دون زيادة "لقد"- صَحَحَ إسنادَه العلامَةُ (الألبانيُّ) –رَحِمَه الله- في تَخريج «مِشكاة المَصابيح»: (ح 2230).

يا أخِي ألا تَعلَم أنَّ تَعريفَ السُّنَّة عند عُلماء الأصُول هي: "ما صَدَر عَن النَّبيِّ (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) غَير القُرآنِ: مِن قَولٍ أو فِعلٍ أو تَقرير" (راجِع: «الوَجيز في أصول الفِقه» / لعبد الكَريم زِيدان –أثابَه الله، ص 165، طـ دار التَّوزيع والنشر الإسلامية بمصر)؛ "فالرِّسُولُ (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم) كان يُقِرُّ أصحابَه على أقوالٍ وأفعالٍ يأتونَ بها لم تَكن مَشروعَةٍ مِن قَبلُ [بِسكوتِه وعَدَمِ إنكارِه وبموافَقَتِه وإظهارِ استحسانِه]، وبِتَقريرِه لها تُصبِح شَرعًا يُعبَدُ الله به، [ولو صِرنا نَتَتَبَّعُ الأمثِلَةَ على ذَلِك لَخَرجنا بأمثِلَةٍ وَفيرَة]، أمَّا بَعدَ مَوت الرَّسُولِ (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم) فإنَّ الشَّرع لم يَعُد بِحاجَةٍ إلى زيادَة؛ لأنَّ اللهَ أتَمَّه وأكمَلَه، ولم يَترُك الرَّسولُ (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) شَيئًا يُقَرِّبُنا إلى الجَنَّةِ إلا وَقد [حَثَّنَا عَليه]، ولم يَدَع أمرًا يُقَرِّبُنا مِن النَّار إلا وَقَد [حَذَرَنا مِنه –بأبي هو وأمِّي، صَلَّىَ الله عَليه وعلى آلِه وَسَلَّم] " (مُستفادٌ –عَدا ما بَين المَعكوفَتَين- مِن كِتاب «البِدْعَة وأثرُها السَّييءُ على الأمَّة"/ لِسليم الهِلالي –أثابَه الله-).

فتأمَّل –أخي- هذا الكلامَ تَخرُجْ مِن إشكالاتٍ عَديدة أوردتَها في مُشاركاتِك، ومِن هُنا أتيت!

ومِثالُنا هذا –الذي أورَدَه الأخ (الحَسن) - يَدخُل في السُّنَّة التَّقريرية التي هي حُجَّةٌ يُعمَلُ بِها بإجماعِ المُسلِمين.

ولو كان هذا الدُّعاءُ مِمَّا لا يُقِرُّه الشَّرعُ لَنهاه النَّبيُّ (صَلَّىَ الله عَليه وَسَلَّم) عَنه.

إذا تأملتَ هذا؛ عَرَفتَ أنَّ قَولَك "يَدعُو بِدُعاءٍ مِن عِند نَفسهِ ... يا هذا انك [كذا؛ والصواب: إنَّك؛ فالهَمزَةُ هَمزَةُ قَطْعٍ لا وَصل] ابتدعت دُعَاءً لم آمُر به" لا مَعنىً له ألبَتَة!

أقولُ هذا مَع أنَّ قولَك: "يَدعُو بِدُعاءٍ مِن عِند نَفسهِ" فيه نَظَرٌ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير