تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(8) قَولُك: "جاءني سائِلٌ مِسكينٌ حَتَّى وَلَو كَانَ يَهوديًّا فإنِّي لَن أنهَرَه ولَن أنتَظِرَ فَتوىَ مِن أحَدٍ أو أبْحَثَ عَن نصٍّ في الكِتابِ والسُّنَّة يُجيزُ لي أن أتصَدَّقَ على غَير المُسلمينَ، فهذه مَعروفَةٌ بالفِطْرَة، والله جَعَلَ الصَدَقَةَ للمساكين على إطلاقهم" اهـ.

قُلت: لقد أبعدتَ النُّجْعَة أخي!!!

فَقَولُك "ولَن أنتَظِرَ فَتوىَ مِن أحَدٍ أو أبْحَثَ عَن نصٍّ في الكِتابِ والسُّنَّة يُجيزُ لي ... "؛ لا يَنبَغي أن يَصدُر مِن مُسلِمٍ يؤمِنُ بالله رَبًّا وبالإسلام دينًا وبمُحَمَّدٍ (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم) نَبيًّا ورَسولا؛ ألم تَقرأ قَولَ اللهِ –تَعالَى-: (فلا وَرَبِك لا يؤمِنون حَتَّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَر بَينَهم ثُمَّ لا يَجِدُوا في أنفُسِهم حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ ويُسَلِّمُوا تَسليمًا) [النِّساء: 65]، وقَولَه: (إنَّما كَانَ قَولَ المُؤمِنين إذا دُعُوا إلى اللهِ ورَسُولِه لِيَحْكُمَ بَينَهم أن يَقولوا سَمِعنَا وأطعنَا وَأولَئِكَ هُمُ المُفلِحون) [النور: 51] وقَولَه: (وأطيعُوا اللهَ والرَّسُولَ لعلَّكم تُرحَمون) [آل عِمران: 132]، وقَولَه: (فاسألوا أهلَ الذِّكر إن كُنتُم لا تَعْلَمُون) [النَّحل: 43]؟!!

أتُريدُ أن تَتَبِع الهَوى وتُعرِضَ عَن نُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّة بِزَعم اتِّباع "الفِطْرَة"؟!! وما ضابِطُ الفِطْرَة يا أخي؟!

قالَ الإمامُ (الشَّافعيُّ) –رَحِمَه اللهُ-: "مَن استحسَنَ فَقد شَرَع"! فأنتَ إذا استحسَنتَ حُكمًا مِن الأحكام دون استنادٍ إلى نَصٍّ مِن الكِتاب والسُّنَّة فَقَد نازَعتَ الله –سُبحانَه وتَعالَى- في التَّشريع، عياذًا باللهِ!

ألم تَقرأ قَولَ اللهِ –تَعالَى-: (أمْ لَهُم شُركاءُ شَرَعُوا لَهم مِن الدِّينِ مَا لم يأذَن بِه اللهُ) [الشُّورَى: 21]؟!!

وَوَاللهِ إنَّ دينَنَا هو دينُ الفِطْرَة؛ قال اللهُ –تَعالَى- (فأقِم وَجْهَك للدين حَنيفًا فِطْرَتَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاس عَليها لا تَبْديل لِخَلقِ اللهِ ذلك الدِّينُ القَيِّمُ ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمون) [الروم: 30]، وثَبَتَ أنَّ النَّبيَّ (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم) كان يُعَلِّم أصحابَه –رَضيَ اللهُ عَنهم- أن يَقولوا إذا أصبَحُوا: "أصبَحنَا على فِطْرَة الإسلام ... " [صَحَحه العلامةُ (الألبانيُّ) –رَحِمَه الله- في «السلسلة الصَّحيحة»: (2989)]، وقال (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم) للبراء بن العازِب –رَضي اللهُ عَنه: "إذا أتيتَ مَضجَعَك فتوضأ وضوءَك للصَّلاة ... "، إلَى أن قالَ له: "فإن مِتَّ؛ مِتَّ على الفِطْرَة" [مُتَّفَقٌ عَليه].

وكأنَّك أخي قد عُدتَ إلى صوابِك وإلى "الفِطْرَة" (!) ورَجَعتَ إلى نُصوصِ الكِتاب والسُّنَّة؛ فإنَّك قُلتَ –في الآخِر-: "والله جَعَلَ الصَدَقَةَ للمساكين على إطلاقهم"؛ فكأنِّي بِكَ –أخي- قد استمسكتَ بِكتابِ رَبِّك وسُنَّة نَبيِّك (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم)؛ فهنيئًا لَك!

(9) أما قَولُك: " أيّ فِقهٍ هذا الذي يُجَمِّد الفِكرَ ويُسَمي الثَّنَاءَ والكَلامَ الطِّيبَ بِدْعَة!! أيّ مَذهَبٍ هذا!! أنا أتَّبِعُ مَدرَسَةَ العِلم الفِقْهي وَلَيسَ العِلَم النَّقْلي المُتَجَمِد" اهـ؛ فأنا أعتَذِرُ عَن التَّعليق! واللهُ المُستعان.

وأخيرًا ...

أخي (الحَسن)؛ قد يكونُ جوابي فيه بَعضُ الشِّدَّة؛ ولكن "المؤمِنَ للمؤمِن كاليَدَين تَغسِلُ إحداهُما الأخرَى، وقَد لا يَنقَلِعُ الوَسَخُ إلا بِنَوعٍ مِن الخُشونَة، لَكِن ذَلِكَ يُوجِب مِن النَّظافَةِ والنُّعومَة ما نَحمَد مَعه ذَلِك التَّخشين"! كما يَقولُ شَيخُ الإسلامِ (ابن تَيميَّة) –رَحِمَه اللهُ تَعالَى-[«مَجموع الفَتاوَى»: (28/ 53)].

أسألُ اللهَ العَظيمَ ربَّ العَرشِ العَظيمِ أن يُفَقِّهَنَا في دِينِنَا، إنَّه على كل شيء قَديرٌ.

و"سُبحانَك اللهُمَّ وبِحَمدِك، أشهَدُ ألا إلَه إلا أنتَ، أستَغفِرُك وأتوبُ إليكَ".

والسَّلامُ عَليكم ورَحمَةُ اللهِ وبَركاتُه.

ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[03 - 01 - 03, 11:29 م]ـ

جزاك الله خيراً

ـ[ابن أبي شيبة]ــــــــ[04 - 01 - 03, 07:40 ص]ـ

لو ينقل هذا البحث الممتع الجميل إلى منتدى البحوث لكان أفضل، وجزى الله أخانا محمد بن يوسف على هذا البحث الرائع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير