المبدأ الرابع: أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل.
المبدأ الخامس: أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.
المبدأ السادس: أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك.
ومن الواضح أن الوعد بالهبة يحتاج إنجازه إلى عقد جديد، ويرد عليه الخلاف المعروف حول لزوم الوعد. فمن يرى فيه الإلزام يستند إلى رأي المالكية في التبرعات إذا ترتب على الوعد بها دخول الموعود في التزامات مالية يؤدي النكول بالوعد إلى الإضرار به بشأنها. وهذه الالتزامات هنا هي سداد أقساط أجرة أعلى من أجرة المثل أملاً بتنفيذ هذا الوعد.
أما الصورة الفرعية الثانية فهي تخرج من الخلاف حول إلزامية الوعد وتدخل في خلاف غيره آخر حول جواز تعليق الهبة على شرط. ويرى الجواز المالكية والاباضية وبعض الحنابلة والأحناف. أما الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة) فعلى عدم صحة تعليق الهبة على الشرط. ([18])
ثانياً: الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق البيع بثمن رمزي أو غير رمزي يحدد في العقد.
ويكون السعر الرمزي عادة دولاراً واحداً، وهو يقل كثيراً عن القيمة الحقيقية للعين المؤجرة عند انتهاء عقد الإجارة، على اعتبار أن المؤجر/ البائع قد استوفى قيمة العين من خلال أقساط الأجرة. وبذلك فإن البيع بسعر رمزي عند نهاية أمد الإجارة لا يبعد عن هبة العين إلا من حيث الشكل فقط.
ويلاحظ هنا أن البيع بسعر رمزي يحصل في البنوك الإسلامية تنفيذاً لوعد ملزم من طرف واحد هو المؤجر/ البنك الإسلامي، ولا نحتاج إلى المواعدة لأنه ليس في غير صالح المستأجر اقتناء العين بالسعر الرمزي، حيث إنه قد دفع فعلاً ثمنها من خلال أقساط الإيجار.
وينبغي أن نلاحظ في كل من البيع بسعر رمزي والهبة أن العقد لا يقدم حماية كافية للمستأجر، بما يحافظ على حقوقه المتمثلة بالزيادات في أقساط الأجرة الناشئة عن إدخال أجزاء الثمن ضمن هذه الأقساط، والتي قصد منها دفع ثمن العين تدريجياً. فإذا ما طرأ ما يمنع استمرار الإجارة إلى نهاية أجلها، فإن المؤجر يسترد العين وتضيع على المستأجر كل تلك المبالغ التي دفعها لقاء الثمن. يتضح ذلك من بنود صريحة في عقود الإيجار تجعل الأقساط مقابلة للمنافع وحدها بدلاً من المنافع وجزء من ثمن العين. فاتفاقية الإيجار للبنك الإسلامي للتنمية تنص في مادتها الثانية على أن " في مقابل إيجار المعدات للمستأجر يلتزم المستأجر بأن يؤدي للمؤجر أقساط الإيجار." وأن الهبة يلتزم بها المؤجر فقط بعد سداد جميع الأقساط (المادة 12)، وأن المؤجر يبقى مالكاً للعين حتى انتقال ملكيتها للمستأجر (المادة 3).
وفي هذا ظلم وعدم توازن في التزامات الطرفين العقدية. ونرى أن السبب في ذلك هو أن هذه العقود قد عاملت الإجارة المنتهية بالتمليك، التي هي بطبيعتها عقد تمويلي، معاملة الإجارة البسيطة التي لا تؤول إلى التمليك. فطبقت عليها قاعدة أن الأجرة مقابل المنفعة. في حين أن الطبيعة التمويلية للعقد تتضمن أن جزءاً من القسط الايجاري يقابل المنفعة والجزء الباقي يتجه نحو سداد ثمن العين.
من أجل ذلك ألزمت بعض القوانين (في أمريكا مثلاً) مؤجري السيارات إيجاراً تمويلياً أن يلتزم المؤجر ببيع السيارة إلى المستأجر بثمن محدد في العقد نفسه. كما أن المنافسة بين شركات التأجير التمويلي للسيارات في أمريكا اضطرتها إلى تخفيض القسط الايجاري إلى الحد الذي يغطي فقط الاستهلاك الحقيقي الناشئ عن الاستعمال العادي للسيارة مضافاً إليه كلفة التمويل البديل المتاح هناك وهو التمويل الربوي البسيط.
وإذا كان الوعد بالبيع بسعر رمزي في نهاية أجل الإجارة، الملزم للمؤجر وحده يفي بالمطلوب الشرعي المعلق بعدم إجراء عقد البيع، وهو ناقل لملكية العين ومنفعتها، طالما أن المؤجر ما زال يحصل على ثمن منفعة العين، فإن عقد الإجارة مع هذا الوعد لا يحقق التوازن بين التزامات وحقوق الطرفين، لأنه يهدر حق المستأجر في هذه الزيادات، إذا لم يصل عقد الإجارة إلى نهايته لأي سبب من الأسباب.
¥