تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويلاحظ هنا، أن من الحنابلة من أجاز البيع بما ينقطع به السعر في المستقبل، بتاريخ معين، من غير تحديد الثمن وقت العقد. ([54]) وهو بيع بسعر يمكن معرفته، لأنه معلق على أمر يعلم دونما نزاع، أو خلاف. فإذا جاز هذا في البيع، فإن الإجارة بأجرة متزايدة، أو متناقصة، غير محددة في العقد، ولكنها معلقة على أمر يعلم، ويعلن قبل بدء الفترة الايجارية، التي تحدث فيها الزيادة، أو النقصان، قد تكون جائزة أيضاً، لأن الإجارة بيع. وبخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار مبدأ العقود المترادفة، كما هو معروف عند الأحناف، حيث تنعقد الإجارة على الفترة اللاحقة عند انتهاء الفترة التي قبلها.

الصورة السادسة:

وهي صورة من صكوك التأجير تقوم على أساس الحكر. والحكر إجارة طويلة، تنطبق على أراضي الأوقاف في الأغلب، وقد تكون في الأملاك الخاصة أيضاً. ([55]) حيث يقصد منح المستأجر إجارة طويلة تمكنه من إقامة البناء أو غرس الأشجار، لأنه يطمئن إلى انتفاعه بالأرض خالياً من المنافسين لمدة الحكر. وقد اتفق الفقهاء أن البناء والغراس ملك للمستأجر، له أن يبيعه، أو يهبه، أو يوصي به، كما أنه يورث عنه. ([56]) ويمكن في الحكر وصف البناء، ووصف صيانته وتأمينه خلال مدة الإجارة، بدقة لا تترك مجالاً للنزاع، بحيث يعرف ما سيكون على الأرض من بناء عند انتهاء الحكر. كما يمكن بالشرط جعل البناء على الأرض ـ وهو معلوم ـ جزءاً من أجرة آخر سنة من سنوات الحكر.

وصورة صكوك التأجير القائمة على الحكر هي أن يحكر ناظر الوقف، المالك، الأرض إلى وسيط مالي، نحو مصرف إسلامي، أو شركة تأجير إسلامية. فيقوم الوسيط بالبناء والتأجير، ثم يصدر صكوك تأجير أعيان بملكية البناء وحده، دون الأرض، يبيعها للأفراد المستثمرين. وتمثل هذه الصكوك ملكية البناء المؤجر وهي ملكية آيلة إلى الانتهاء عند أجل الحكر لانتقال ملكية البناء إلى الوقف بعقد الحكر بصفته جزءاً من أجرة السنة الأخيرة. فنحن هنا أمام صكوك ذات عائد إيجاري لمدة محددة دون أن يكون للعين المؤجرة قيمة متبقية يملكها صاحب الصك.

خصائص صكوك التأجير

تتميز صكوك التأجير بعدد من الخصائص، التي تجعل من الممكن لهذه الصكوك أن تكون أساساً مهماً في السوق التمويلية الإسلامية. وتقوم هذه الخصائص على طبيعة عقد الإجارة بشكله الشرعي، وطبيعة التكييف الشرعي للصكوك، باعتبارها تمثل ملكية أعيان مؤجرة. وقبل شرح هذه الخصائص لا بد من كلمة حول أهمية الأوراق المالية عامة لأي دولة معاصرة.

فالحكومات المعاصرة تحتاج إلى أوراق مالية ذات استقرار نسبي في أسعارها لتستعملها في سياستها النقدية التي تهدف إلى تنظيم كمية النقود الموجودة في أيدي الناس. بحيث تستطيع أن تبيع هذه الأوراق عندما ترغب الحكومة بتقليل كمية النقود في السوق، أو شراءها عندما ترغب بزيادة تلك الكمية. وقلما تستطيع الحكومات استعمال أسهم شركات المساهمة في هذا المجال بسبب التغيرات الكبيرة التي تطرأ على أسعار الأسهم في الأسواق المالية.

يضاف إلى ذلك الحاجات التمويلية لبناء بعض المشاريع الكبيرة وبخاصة مشاريع البنية التحتية كالجسور والطرق الكبيرة والمطارات ومحطات السكة الحديد وشبكات الاتصالات مما يمكن تمويله بصكوك التأجير.

وكذلك فإن السوقين المالية والنقدية تحتاجان دائماً إلى تنوع في الأوراق المالية، وبشكل خاص إلى أوراق مالية ذات عائد منتظم ومخاطر قليلة، بحيث تصلح لتكون علامة Bench Mark ترجع إليها السوق في تحديد عوائد الدرجات الكبيرة من المخاطر أو ما يسمى برأس المال المغامر Venture Capital الذي يتمثل عادة في الأسهم.

ولنعد الآن إلى بيان أهم خصائص صكوك التأجير حيث يمكن تصنيفها تحت عنوانين هما خضوع الصكوك لعوامل السوق والمرونة الكبيرة التي تتمتع بها، وتفصيل ذلك فيما يلي:

أ) خضوع الصكوك لعوامل السوق

1. بما أن صكوك التأجير تمثل ملكية أعيان، فإنها تخضع لعوامل السوق في تقييم أثمان هذه الأعيان. فإذا ارتفعت القيمة السوقية لهذه الأعيان ترتفع قيمة الصكوك، وتهبط قيمتها إذا انخفضت القيمة السوقية للأعيان التي تمثلها.

وهذه القيمة السوقية لما تمثله صكوك التأجير من ملكية تتأثر بعوامل العرض والطلب في السوق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير