تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا اليوم) رواه البيهقي.

الثاني: قول الظاهرية وأبي ثور وابن القاسم من المالكية؛ وهو أن على القاضي أن ينقض حكمه في هذه الحال.

واستدلوا بأثر عمر أيضاً في رسالته إلى أبي موسى رضي الله عنهما:

(ولايمنعنك قضاءٌ قضيته بالأمس ثم راجعتَ نفسك فيه اليوم، فهديتَ لرشدك أن ترجع فيه إلى الحق، فإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل) رواه أحمد والبيهقي وغيرهما.

الحال الثانية / أن يكون القاضي قد استند في حكمه على علمه الشخصي، فيرجع في هذه الحال.

ثم ذكر الحال الثالثة.

الحال الرابعة / أن يحكم القاضي في مسألة معينة معتمداً على بينة معينة فيتبين له عدم صلاحيتها. كشهود عبيد أو محدودين في قذف أو نحو ذلك.

الحال الخامسة / أن يحكم بالظن والتخمين فيجب عليه الرجوع في حكمه. والحكم بالتخمين لايجوز.

المسألة الثانية /

لزوم الحكم للقضاة كافة، ويتمثل ذلك في قيدين:

القيد الأول:

عدم جواز تعقب أحكام القاضي السابق، وهذا يكون في حال انتهاء ولاية القاضي المُصدِر للحكم وإتيان قاضٍ آخر مكانه.

وللفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

1 / قول الجمهور، وهو أن أحكام القاضي العدل لاتُتعقب، وكلها نافذة ولازمة؛ إذا كانت مستكملة لشروط اللزوم والصحة.

وفي ذلك استقرارٌ للأحكام ولمعاملات الناس.

2 / ذهب الحنابلة في الراجح عندهم وهو قولٌ للشافعية إلى جواز تعقُّب أحكام القاضي، فما كان منها موافقاً لأحكام الشريعة نفذ وما خالفها نُقض.

3 / وللحنابلة قولٌ بوجوب تعقب أحكام القاضي السابق وتتبعها. وضعفه المحققون من الحنابلة.

القيد الثاني:

عدم جواز نقض الحكم القضائي الصحيح.

فإذا رُفع الحكم لقاضٍ آخر على سبيل الطعن في القضاء الأول، كما لو رأى المحكوم عليه أن الحكم غير صحيح، وأنه قد ظُلم، فرفع الحكم لقاضٍ آخر لينظر مدى موافقة الأول للحق.

أو أن القاضي الذي تولى حديثاً قام بتتبع أحكام القاضي السابق.

ففي هذين الحالين يمتنع نقض أي حكم ليس مستوجباً للبطلان.

فالأحكام الصحيحة لاتبطل بإبطال أحد لها.

هذا أصلٌ عام (يُستثنى منه حالاتٌ نذكرها في باب البطلان للأحكام القضائية).

المسألة الثالثة /

اتفق الفقهاء على أن حكم الحاكم في المسائل الاجتهادية المختلف فيها بين الفقهاء يرفع الخلاف في تلك القضية بعينها.

ثم تعرض الباحث إلى مبطلات الحكم القضائي، وهي استثناءات من القاعدة التي سبق تقريرها، وقسم الباحث تلك المبطلات إلى:

أولاً / بطلان الحكم القضائي لاختلال في صفة الحكم. وذكر تحته فرعين:

(1) بطلان الولاية (2) اختلال الشروط الذاتية في الحاكم.

ثانياً / حالات بطلان الحكم لسبب المحكوم به، وذكر تحته ثمانية فروع:

(1) بطلان الحكم لمخالفته للنص. (2) بطلانه لمخالفة الإجماع.

(3) بطلانه لمخالفة القياس. (4) بطلانه لمخالفة القواعد الكلية.

(5) بطلانه لعدم الدليل عليه. (6) بطلانه لمخالفة عمل أهل المدينة.

(7) بطلانه لمخالفة أقوال الفقهاء. (8) بطلانه لمخالفة المذهب.

وقد بحث كل فرع من هذه الفروع.

ثالثاً / حالات بطلان الحكم لسبب يتعلق بطرفيه، وفيه فروع:

(1) بطلان الحكم الغيابي. (2) بطلان الحكم لجهالة المحكوم له أو عليه وعدم التعريف بهما. (3) بطلان الحكم لوجود العداوة بين المحكوم عليه والقاضي. (4) بطلان الحكم لكون المحكوم له لاتُقبل شهادته للقاضي. (5) بطلان الحكم لإقرار المحكوم له بما يُبطله - بعد صدروه -.

رابعاً / حالات بطلان الحكم لخلل في أصول التقاضي وإجراءاته، وفيه:

(1) بطلان الحكم لعدم وجود الدعوى. (2) بطلانه لعدم توافر الخصومة الحقيقية. (3) بطلانه لعد طلب الخصم. (4) بطلانه لعدم الإعذار.

(5) بطلانه لعدم حلف يمين الاستظهار.

(6) بطلانه لعدم التعديل والتزكية. (7) بطلانه لعدم الاختصاص.

(8) بطلانه للتقادم. (9) بطلانه لصدوره بالحدس والتخمين.

(10) بطلانه لصدوره والقاضي مشوش الفكر.

(11) بطلانه لعدم تحديد المحكوم به.

(12) بطلانه لسبق إبداء القاضي رأيه في الحادث.

خامساً /حالات البطلان لخلل في أسباب الحكم (البينات) وفيه:

(1) بطلان الحكم لسبب يتعلق بشهادة الشهود.

(2) بطلانه لاستناد القاضي في إصداره لعلمه الشخصي.

(3) بطلانه لكونه بخلاف علم الحاكم.

وعذراً على الإطالة في مبحث البطلان، ولكني أحببتُ ذكر كل الفروع التي تعرَّض الباحث لها تحت هذا الباب؛ لأهمية الإحاطة بها.

(وإن احتجتَ تفصيلاً لبعضها يا أبا خالد؛ فأنا مستعدٌ لذلك - إن شاء الله).

فائدة أخيرة:

ذكر الباحث أن النظام القضائي الحديث يأخذ بتعدد درجات القضاء، وهو في الغالبية العظمى يكون على درجتين:

الدرجة الأولى / وهي عادة تتمثل بأحكام محاكم البداية.

الدرجة الثانية / وهي تتثمل بمحاكم الاسئناف.

أما محكمة التمييز أو ما يسمى بمحكمة التعقيب (النقض) فليست درجة من درجات التقاضي، وإنما هي محكمة قانون وظيفتها رقابة تطبيق القانون تطبيقاً سليماً.

ولذا تختلف عن محكمة الاستئناف؛ أن الأصل في التمييز أن تنظر الدعوى تدقيقاً لا مرافعة، إلا في حالات استثنائية.

في حين يكون الأمر في محكمة الاستئناف بأن تنظر الدعوى منذ البداية وحتى إصدار الحكم لدى المحكمة الأعلى درجة.

ومن هنا فالحكم حينما يصدر من المحكمة الابتدائية ينتظر مدة من الزمن تصل إلى ثلاثين يوماً، يجوز خلالها للمحكوم عليه وللمحكوم له في بعض الحالات أن يطلب استئناف الحكم لدى المحكمة الأعلى درجة ليطمئن إلى سلامة الإجراءات وصحة الحكم.

ولذلك يجب على من يدعي بطلان الحكم أن يتمسك بالبطلان عن طريق الطعن فيه بالوسيلة المقررة لذلك قانوناً، ويشترط عندئذٍ أن يبدي سبب البطلان في لائحة الطعن مع سائر الدفوع.

أما الطعن بطريق التمييز أو التعقيب فيظهر فيه بجلاء حالات أو أسباب لبطلان الأحكام؛ إذ إن الطعن في الحكم يقصد به الطاعن الوصول إلى بطلانه، وإظهار ما فيه من أخطاء، وقد نص القانون على الحالات التي يجوز فيها الطعن بطريق التمييز (التعقيب) ... إلخ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير