تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة فِي الْمُتَّصِلَةِ الدَّمِ كَمَا ذَكَرْنَا: إنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِدُخُولِ كُلِّ وَقْتِ صَلاَةٍ , فَتَكُونُ طَاهِرًا بِذَلِكَ الْوُضُوءِ , حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلاَةٍ أُخْرَى فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهَا وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ لَهَا. وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ: إذَا تَوَضَّأَتْ إثْرَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلصَّلاَةِ أَنَّهَا تَكُونُ طَاهِرًا إلَى خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ , وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ , وَحَكَى أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلاَّ أَنَّهَا تَكُونُ طَاهِرًا إلَى دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ. وَغَلَّبَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ.

قال أبو محمد: وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. بَلْ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهُ بِأَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وقال مالك: لاَ وُضُوءَ عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الدَّمِ إلاَّ اسْتِحْبَابًا لاَ إيجَابًا , وَهِيَ طَاهِرٌ مَا لَمْ تُحْدِثْ حَدَثًا آخَرَ.

وقال الشافعي وَأَحْمَدُ: عَلَيْهَا فَرْضًا أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ وَتُصَلِّيَ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ النَّوَافِلِ مَا أَحَبَّتْ , قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ.

قال أبو محمد: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَخَطَأٌ , لاَِنَّهُ خِلاَفٌ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ , وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْمُنْقَطِعِ مِنْ الْخَبَرِ إذَا وَافَقَهُمْ , وَهَهُنَا مُنْقَطِعٌ أَحْسَنُ مِنْ كُلِّ مَا أَخَذُوا بِهِ , وَهُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام فَقَالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ قَالَ لاَ , إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ , فَاجْتَنِبِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ وَصَلِّي , وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ. قَالَ: قَالُوا هَذَا عَلَى النَّدْبِ , قِيلَ لَهُمْ: وَكُلُّ مَا أَوْجَبْتُمُوهُ مِنَّا لاِسْتِطْهَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَعَلَّهُ نَدْبٌ , وَلاَ فَرْقَ ,

وَهَذَا قَوْلٌ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا مَعَ خِلاَفِهِ لاَِمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُتَعَلَّقًا فِي قَوْلِهِمْ هَذَا , لاَ بِقُرْآنٍ، وَلاَ بِسُنَّةٍ، وَلاَ بِدَلِيلٍ، وَلاَ بِقَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ بِقِيَاسٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفَاسِدٌ أَيْضًا لاَِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْخَبَرِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ , وَمُخَالِفٌ لِلْمَعْقُولِ وَلِلْقِيَاسِ , وَمَا وَجَدْنَا قَطُّ طَهَارَةً تَنْتَقِضُ بِخُرُوجِ وَقْتٍ وَتَصِحُّ بِكَوْنِ الْوَقْتِ قَائِمًا , وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنْ قَالُوا: قَدْ وَجَدْنَا الْمَاسِحَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُمَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ لَهُمَا فَنَقِيسُ عَلَيْهِمَا الْمُسْتَحَاضَةَ.

قال أبو محمد: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ ; لاَِنَّهُ قِيَاسٌ خَطَأٌ وَعَلَى خَطَإٍ , وَمَا انْتَقَضَتْ قَطُّ طَهَارَةُ الْمَاسِحِ بِانْقِضَاءِ الأَمَدِ الْمَذْكُورِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كَمَا كَانَ , وَيُصَلِّي مَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ بِحَدَثٍ مِنْ الأَحْدَاثِ , وَإِنَّمَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِمَنْعِهِ مِنْ الاِبْتِدَاءِ لِلْمَسْحِ فَقَطْ , لاَ بِانْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ مَا ذَكَرُوا فِي الْمَاسِحِ وَهُوَ لاَ يَصِحُّ لَكَانَ قِيَاسُهُمْ هَذَا بَاطِلاً لاَِنَّهُمْ قَاسُوا خُرُوجَ وَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ عَلَى انْقِضَاءِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير