تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ذكر الله تعالى في القرآن في مواضع كثيرة تقلب الجنين في هذه الأطوار كقوله تعالى يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة الحج وذكر هذه الأطوار الثلاثة النطفة والعلقة والمضغة في مواضع متعددة من القرآن وفي مواضع أخر ذكر زيادة عليها فقال في سورة المؤمنين ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين المؤمنون فبهذه سبع تارات ذكرها الله في هذه الآية لخلق ابن آدم قبل نفخ الروح فيه

وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول خلق ابن آدم من سبع ثم يتلو هذه الآية وسئل عن العزل فقرأ هذه الآية ثم قال فهل يخلق أحد حتى تجري فيه هذه الصفة وفي رواية عنه قال وهل تموت نفس حتى تمر على هذا الخلق وروي عن رفاعة بن رافع قال جلس إلى عمر وعلي والزبير وسعد ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكروا العزل فقال لا بأس به فقال رجل إنهم يزعمون أنها الموءودة الصغرى فقال على رضي الله عنه لا تكون موءودة حتى تمر على التارات السبع تكون سلالة من طين ثم تكون نطفة ثم تكون علقة ثم تكون مضغة ثم تكون عظاما ثم تكون لحما ثم تكون خلقا آخر فقال عمر رضي الله عنه صدقت أطال الله بقاءك

وقد رخص طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاط ما في بطنها ما لم ينفخ فيه الروح وجعلوه كالعزل وهو قول ضعيف لأن الجنين ولد انعقد وربما تصور وفي العزل لم يوجد ولد بالكلية وإنما تسبب إلى منع انعقاده

وقد لا يمتنع انعقاده بالعزل إذا أراد الله خلقه كما قال النبي لما سئل عن العزل قال لا عليكم أن لا تعزلوا إنه ما من نفس منفوسة إلا أن الله خلقها

وقد صرح أصحابنا بأنه إذا صار الولد علقة لم يجز للمرأة إسقاطه لأنه ولد انعقد بخلاف النطفة فإنها لم تنعقد بعد وقد لا تنعقد ولدا وقد ورد في بعض الروايات في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ذكر العظام وأنه يكون عظما أربعين يوما فخرج الإمام أحمد من رواية علي بن زيد سمعت أبا عبيدة يحدث قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تغير فإذا مضت الأربعون صارت علقة ثم مضغة كذلك ثم عظاما فإذا أراد الله تعالى أن يسوي خلقه بعث الله إليه ملكا وذكر بقية الحديث

ويروى من حديث عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النطفة إذا استقرت في الرحم تكون أربعين ليلة نطفة ثم تكون علقة أربعين ليلة ثم تكون عظاما أربعين ليلة ثم يكسو الله العظام لحما ورواية الإمام أحمد تدل على أن الجنين لا يكسى اللحم إلا بعد مائة وستين يوما وهذا غلط لا ريب فيه فإنه بعد مائة وعشرين يوما ينفخ فيه الروح بلا ريب كما سيأتي ذكره وعلي بن زيد هو ابن جدعان لا يحتج به

وقد ورد في حديث حذيفة بن أسيد ما يدل على خلق العظام واللحم في أول الأربعين الثانية ففي صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب ذكر أو أنثى فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب رزقه فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص

فظاهر هذا الحديث يدل على أن تصوير الجنين وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه يكون في أول الأربعين الثانية فيلزم من ذلك أن يكون في الأربعين الثانية لحما وعظاما

وقد تأول بعضهم ذلك على أن الملك يقسم النطفة إذا صارت علقة إلى أجزاء فيجعل بعضها للجلد وبعضها للحم وبعضها للعظام فيقدر ذلك كله قبل وجوده وهذا خلاف ظاهر الحديث بل ظاهره أن يصورها ويخلق هذه الأجزاء كلها وقد يكون خلق ذلك بتصويره وتقسيمه قبل وجود اللحم والعظام قد يكون هذا في بعض الأجنة دون بعض وحديث مالك بن الحويرث المتقدم يدل على أن التصوير يكون في النطفة أيضا في اليوم السابع وقد قال الله تعالى إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه وفسر طائفة من السلف أمشاج النطفة بالعروق التي فيها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير