وهذا والله من العجب الذي لا ينتهي في مقالك! يا أخي الصِبية في الكُتاب يعرفون أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فكيف تجعل سيد القراء أبي بن كعب بمنزلةٍ أقل من الصبيان؟! ثم قياسك فعله بفعل ابن مسعود في غاية الفساد! فابن مسعود أتم، وهو يرى القصر أفضل، والجمع جائز، والخلاف شر!، وهذا ظاهر ظهور الشمس.
ثم قال أبو حسين:
أثر أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه:
قال الطبري ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا هشيم أنبأنا زكريا بن أبي مريم الخزاعي قال: " سمعت أبا إمامة الباهلي يقول: أن الله كتب عليكم صيام رمضان ولم يكتب عليكم قيامه، وإنما القيام شيء ابتدعتموه، وإن قوما ابتدعوا بدعة لم يكتبها الله عليهم ابتغوا بها رضوان الله فلم يرعوها حق رعايتها، فعابهم الله بتركها فقال: " ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، فلم يرعوها حق رعايتها ". اهـ.
وانتقى الرواية التي ليس فيها: "فدوموا عليه ولا تتركوه ". ولما استدركها عليه الأخ حارث هجم عليها بالتضعيف وكون الزيادة فقط منكرة! كعادته في التضعيف!
وأزيدك فقد قال السيوطي عنه: وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه وابن نصر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال إن الله كتب عليكم صيام شهر رمضان ولم يكتب عليكم قيامه وإنما القيام شيء ابتدعتموه فدوموا عليه ولا تتركوه ..
فهل وقفت على روايتهم؟
وهل يا تُرى كلهم أخرجوه عن شجاع الذي جعلت الحمل عليه؟!، ومَشّيْتَ بقية العلل في الحديث!
وقلتَ للأخ همام من ضعفه .. أقول: خذ هذه النقول:
قال العقيلي في الضعفاء 2/ 88: حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا صالح بن أحمد قال حدثنا على قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى وذكر زكريا بن أبى مريم الذي روى عنه هشيم قال قلنا لشعبة لقيت زكريا بن أبى مريم سمع من أبى امامة فجعل يتعجب ثم ذكره فصاح صيحة.
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 592:عقب حكاية ابن مهدي فدلت صيحة شعبة أنه لم يرضه.
ونقله أيضا قال ابن عدي في الكامل 3/ 214 ثم قال: وهشيم يروي عن زكريا بن أبي مريم القليل، وليس فيما روى عنه هشيم حديث له رونق وضوء.
وقال النسائي في الضعفاء ص43: يروي عنه هشيم ليس بالقوي.
وفي لسان الميزان 2/ 482:وقال الساجي: تكلموا فيه! وقال أبو داود لم يرو عنه الا هشيم. وقال الدارقطني: يعتبر به.
وهو مترجم في معظم أو كل كتب الضعفاء، ولا ينفعه ذكر ابن حبان له في الثقات مع تضعيف الأئمة، وتناقل الأئمة لكلام شعبة، وعدم الاعتراض عليه يدل على الرضا بحكمه.
فهذا الحديث لا يصح، وإن صح فالزيادة فيه حجة عليك أيضا، وقد قدمت شيئا من الكلام على هذا الأثر، وأقول هنا لا يعلم عن أبي أمامة مخالفة زمن الخلفاء الراشدين، والصحابة، وهذا الرجل: زكريا لا يعلم متى ولد، ولا يعرف عنه إلا أنه من أهل الشام. فأين الناس عن رأي أبي أمامة هذا حتى يتفرد به هذا، ويتفرد عنه هشيم! مع أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، ومتابعة عامة أصحابه كاف.
وأما أثر ابن عمر الذي قدمته فليس لك فيه نصيب، وهو دال كما قلنا على رأيه فيمن هو قارئ للقرآن، وهذه الزيادة التي حاولت تضعيفها بطريقة عجيبة!! وهي زعمك أن المحفوظ رواية وكيع وذهبت تفاضل بينه وبين عبدالرزاق!، وضعفت من أجلها مؤمل!
ولعلي أجمعها هنا لتكون بين يديك، ويدي القارئ حتى يتبين تجنيك على السنة:
قال ابن أبي شيبة 2/ 166: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال سأل رجل بن عمر أقوم خلف الإمام في شهر رمضان فقال تنصت كأنك حمار.
هذا الأثر الذي تزعم أنه محفوظ وما خالفه فهو شاذ!
وأقول رواه عبد الرزاق 4/ 264: عن الثوري عن منصور عن مجاهد قال جاء رجل إلى بن عمر قال أصلي خلف الإمام في رمضان قال أتقرأ القرآن قال نعم قال أفتنصت كأنك حمار صل في بيتك.
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 351: حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما أصلى خلف الإمام في رمضان فقال أتقرأ القرآن قال نعم قال صل في بيتك.
وقال البيهقي: أنبأ أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة الأنصاري أنبأ أبو عمرو بن مطر أنبأ أبو خليفة ثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال قال له رجل أصلي خلف الإمام في رمضان قال ـ يعني ابن عمرـ أليس تقرأ القرآن قال نعم قال أفتنصت كأنك حمار صل في بيتك.
وما ذكره مشكورا موراني "أهل القيروان"
أنه في الواضحة لعبد الملك بن حبيب الأندلسي _ مخطوط القيروان ـ وقد حدثني ابن المغيرة عن سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد أن رجلا قال لابن عمر: أصلي خلف الامام في قيام رمضان فقال له ابن عمر: أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. قال: أفتصمت كأنك حمار , صل في بيتك ..
فهؤلاء أربعة: عبد الرزاق، ومحمد بن كثير، ومؤمل، وابن المغيرة كلهم رووه عن سفيان بهذا اللفظ!، فهل كلهم اتفقوا على اللفظ الخطأ، وأصاب وكيع؟!
كل ما في الأمر أن وكيعا أو ابن أبي شيبة ذكره مختصرا، فذهبتَ تضعفُ، وتشاغبُ من غير بحث، ولا نظر، ومعرفة بعلم العلل الذي هو أدق العلوم!!
وابن عمر لو كان كما زعمت يرى بدعيتها لأنكر ذلك، وما جلس ساكتا حتى يسأله هذا الرجل، ويجيب بهذا الجواب! فتأمل!، ومعروف شدة إتباعه، ولا تنس ما في مسلم من غضبه على ابن ومقاطعته عندما قال: والله لمنعهن ".
ثم قولك هذا في غاية الإزراء، والطعن بالصحابة، وكأنهم مجموعة من الأعراب لا يعلمون شيئا! هل أنت بعقلك أيها الرجل! أفضل القرون يعانقون البدع كل هذه السنين! سبحانك هذا بهتان عظيم!
¥