تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، وكم آية من آيات التنزيل وحديث من أحاديث الرسول، وقد ضيم وسيم الخسف بالتأويلات الغثة، والوجوه الرثة، لأنّ من تأول ليس من هذا العلم في عير ولا نفير، ولا يعرف قبيلاً منه من دبير."انتهى.

نستشف من كلام الزمخشري فوائد نفيسة:

1 - الفائدة الأولى:

أن أهل الرأي الفاسد في التفسير لا ينفعهم النقل ولو كان صحيحا ... فالزمخشري اقترح وجها بلاغيا لتفسير آية ثم جاء بتفسير مأثور ... لكنه عمل في الحديث ما عمل في الآية! في الحقيقة- وفق هذا المنهج-، لا أرى فائدة النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يؤسس شيئا جديدا ... فالآية محمولة على التخييل وتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم محمول على التخييل،فندور مع حاصل التحصبل!!

2 - الفائدة الثانية:

التأويل تزوير.

قال الزمخشري ناقلا:

فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً مما قال ثم قرأ تصديقاً له {وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ}. . . الآية

ثم قال الزمخشري مؤولا:

"وإنما ضحك: أفصح العرب صلى الله عليه وسلم وتعجب لأنه لم يفهم منه إلاّ ما يفهمه علماء البيان من غير تصوّر إمساك ولا أصبع ولا هزّ ولا شيء من ذلك، ولكن فهمه وقع أوّل شيء وآخره على الزبدة والخلاصة التي هي الدلالة على القدرة الباهرة."

انظر كيف تحول التصديق إلى تكذيب في فهم الزمخشري .. ! فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم " لم يفهم منه إلاّ ما يفهمه علماء البيان" فمعنى هذا أنه يكذب اليهودي قطعا .. فاليهودي -وهو مجسم عند المعتزلة- يدعي يدا وأصابع وقبضة وهزا ... والرسول صلى الله عليه وسلم ينكر وينفي كل ذلك فكيف يتعجب تصديقا!!

3 -

الغاية تبرر الوسيلة: يمكن الاستفادة من البلاغة لتمرير المذهب ثم دوسها بعد ذلك!

من المعلوم أن أم القواعد في علم البلاغة هي قاعدة:لكل مقام مقال ... وما عداها قواعد فرعية ثانوية.

فهل طبق الزمخشري هذه القاعدة الأساس في تحليله لتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم؟

قبل استحضار المقام ننبه على أمر وهو أن الحديث المتفق عليه يذكر حبرا لا جبريل ولا شك أن في النقل تصحيفا لتشابه صدر الكلمتين .. لكن هل التصحيف واقع فيمن نقل عنهم الزمخشري أم من نساخ الكشاف علم ذلك عند الله. والفخر الرازي وهو كثير النقل عن الكشاف قال:

قال صاحب «الكشاف» الغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته والتوقيف على كنه جلاله من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو مجاز، وكذلك ما روي أن يهودياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السموات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والثرى على أصبع وسائر الخلق على أصبع ثم يهزهن فيقول أنا الملك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً مما قال، قال صاحب «الكشاف» وإنما ضحك أفصح العرب لأنه لم يفهم منه إلا ما يفهمه علماء البيان من غير تصور إمساك ولا إصبع ولا هز ولا شيء من ذلك.

الفخر ذكر الرواية الصحيحة مع تعليق الزمخشري عليها فلو كان الزمخشري ذكر جبريل لعلق الفخر عليه والله أعلم.

ما عناصر المقام:

1 - يهودي في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذف في حق الله تعالى فينسب له اليد والأصابع والحمل والهز ...

2 - رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقبل قوله ضاحكا مصدقا ومتعجبا.

3 - يتلو عليه السلام آية تقرر ما قاله اليهودي ... قال البخاري:

فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}

هنا سؤال للزمخشري وموافقيه:

كيف "ضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ"واليهودي في مجلسه ينعت الله بما لا يليق بجلاله ..

فهل المقام يقتضي أن" يضحك حتى تبدو نواجذه" أم يقتضي "أن يغضب حتى يحمر وجهه"

تصور-ولله المثل الأعلى-أن شخصا سب أباك في مجلس، فهل ستضحك له أم تغضب منه؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير