ذكرت جريدة النخبة الخليجية في عدديها (128) و (133) عن مجموعة من الفنانين أنهم يفتتحون الأغنية بموّال يبدأ بغناء آيات من القرآن، وهذا الأمر أصبح مألوفاً لدى كثير من الفنانين والممثلين، فما حكم الإسلام فيمن لحن الآيات القرآنية وغنّاها.
الجواب:
الحمد لله
إن الإنسان بفطرته التي ولد عليها يدرك عظيم هذا الفعل وكبير هذا الذنب وشناعة هذا الإجرام ولا يتجاوب مع هذه الممارسات الشيطانية سليم الفطرة نقي التوحيد.
فالمسلمون كلهم مجمعون على وجوب احترام كلام الله وتعظيمه وصيانته عن العيوب والنقائص.
فالقرآن كلام الله وهو صفة من صفاته والله لم يزل متكلماً إذا شاء، هذا الذي دل عليه الكتاب والسنة وقاله أئمة الإسلام.
فالاستهزاء بكلام الله أو بكتابه أو محاولة إسقاط حرمته ومهابته كفر صريح لا ينازع فيه أحد، قال الله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ..... } سورة التوبة.
وهذه الآية نص في كفر من استهزأ بالله وآياته ورسوله سواء استحل ذلك أو لم يستحل فمجرد الاستهزاء بالمذكورات ردة عن الدين بإجماع المسلمين ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء كأن يكون مازحاً أو هازلاً.
وقد كفر الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء، روى ذلك ابن جرير في تفسيره (10/ 172) بسند جيد من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال قال رجل في غزوة تبوك في مجلس. ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء فقال رجل في المجلس: كذبت ولكنك منافق لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر فأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).
وظاهر الآية أنهم كانوا من قبل مؤمنين فكفروا بالاستهزاء الذي يعلمون حرمته ولكن لم يظنوه كفراً.
ومن ذلك الذين يفتتحون أغانيهم بموّال يبدأ بغناء أيات من القرآن فهؤلاء قد اتخذوا آيات القرآن الكريم للغناء والطرب واللعب وهذا من أعظم أنواع الاستخفاف بالقرآن والاستهانة بحرمته.
وقد أجمعت الأمة على كفر من استخف أو هزل بالقرآن أو بشيء منه. قال تعالى {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)} سورة الطارق. فكل من اتخذ شيئاً من آيات القرآن للهزل والغناء والرقص والطرب فقد اتخذها هزواً ولعباً وقد توعد الله هؤلاء بالعذاب المهين فقال تعالى {وإذا علم من ءاياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (9)} سورة الجاثية. وقال {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ ءَايَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)} سورة الجاثية.
قال القاضي عياض رحمه الله (شرح الشفاء (2/ 549) واعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما أو جحده أو حرفاً منه أو آية أو كذب به أو بشيء منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك أو شك في شيء من ذلك فهو كافر عند أهل العلم بإجماع قال الله تعالى {وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42)}.
وقال الشيخ العلامة أبو بكر محمد الحُسيني الحُصني الشافعي في كتابه كفاية الأخيار (494) [وأما الكفر بالفعل فكالسجود للصنم والشمس والقمر وإلقاء المصحف في القاذورات والسحر الذي فيه عبادة الشمس وكذا الذبح للأصنام والسخرياء باسم من أسماء الله تعالى أو بأمره أو وعيده أو قراءَة القرآن على ضرب الدف ... ).
¥