[حول المصالح المرسلة]
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[27 - 11 - 03, 10:39 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أما بعد، فمن المعلوم أن الحنفية يستدلون بالمصالح المرسلة و يجعلونها حجة في دين الله تعالى، و كنت منذ حوالي أربع سنوات أستنكر هذا الدليل، و أقول في نفسي: من أين يكون هذا الدليل حجة في دين الله تعالى!! و لو كان فيه مصلحة لكان الشرع قد نص عليه!! ثم بدأ الأمر يتضح لي شيئا فشيئا خلال السنوات الماضية ـ مع دراستي للقواعد الفقهية، فأجد مثلا قاعدة هي من أم القواعد [الدين مبني على جلب المصالح و درء المفاسد] وهذه المصالح تنقسم إلى ضروريات و حاجيات و تحسينيات، و أجد أن فائدة القاعدة الفقهية ـ أي الفائدة الأعظم لها ـ هو الحصول على قاعدة عامة استقرائية أو مدلول عليها يتم إدراج شتى الصور تحتها مما لم يدل عليها نص بخصوصها، فهنا تكمن فائدة القواعد الفقهية، و لا نقول بأنه لا يلحق بها إلا ما كان النص دالا عليه، لأنه لو كان النص دالا عليه ما افتقرت الصورة إلى القاعدة الفقهية،،،،،
و من هنا بدأت أتأمل وأقول: هذه القاعدة الفقهية متفق عليها، و كون المصلحة المرسلة دليلا شرعيا مختلف فيه، فلابد من وجود الفارق بين المصلحة المذكورة في القاعدة الفقهية و بين المصلحة المذكورة في في هذه المسألة الأصولية (المصالح المرسلة)
فبحثت في كتب الأصول فوجدت العلماء يعنون بالمصلحة المذكورة في القاعدة أنها / المصلحة التي اعتبرها الشارع و قام الدليل منه على رعايتها، و هي التي تراد بالتقسيم إلى ضروريات و حاجيات و تحسينيات، وانظر في ذلك / أثر الاختلاف في القواعد الأصولية للدكتور الخن ص552
و ظللت أتأمل: ما الفارق بين المصالح التي نص الشرع على اعتبارها، والمصالح التي سكت عنها؟
أليست هذه مصلحة و هذه مصلحة؟
و كيف تنتظم القاعدة (بالرفع) المصلحة (بالنصب) الأولى دون الثانية؟
و أي المصلحتين أحوج لقاعدة فقهية عامة؟
مصلحة نص الشرع على اعتبارها؟
أم مصلحة لم يدل الشرع على اعتبارها و لكنها تحقق مصالح الناس؟
ثم كيف تكون قاعدة (الدين مبني على جلب المصالح و درء المفاسد) قاعدة كلية إن لم تكن منتظمة المصالح التي لم ينص الشارع على اعتبارها؟
و هل تكون المصالح التي شهد الشرع على اعتبارها في حاجة إلى قاعدة كلية تنتظمها! أولم يكف شهود الشرع باعتبار كل منها!! أوليست هذه المصالح التي شهد الشرع باعتبارها هي التي تم عن طريقها استقراء المسائل الشرعية ومن ثمّ تقعيد هذه القاعدة الكلية لتنتظم تحتها شبيه هذه المسائل المعتبرة شرعا مما لم ينص عليها الشارع و هي التي بعينها (المصالح المرسلة)؟
و هذا أمر آخر،،، كنت أسمع أو أقرأ للعثيمين ـ رضي الله عنه ـ قوله أن من منهج ابن تيمية ـ رضي الله عنه ـ اعتبار جلب المصالح و درء المفاسد في تحليلاته الفقهية، فقلت في نفسي / لو أن المقصود بها المصلحة التي هي متفق عليها و المذكورة في القاعدة الفقهية و التي نص الأصوليون على أن الشرع شهد لاعتبارها، فهذا ليس منهجا له وحده ـ رضي الله عنه ـ بل هو بإجماع الأمة، و إن كان المقصود هو المصلحة التي لم ينص الشارع على اعتبارها ولا على إلغائها ـ و التي هي بعينها المصالح المرسلة ـ فهنا يلزم منه أن شيخ الإسلام ـ رضي الله تعالى عنه ـ يستدل بالمصالح المرسلة وفاقا للحنفية
فهل شيخ الإسلام يقول بالمصالح المرسلة؟
أرجو المناقشة في كل ما ذكرت
اعتذار / قد أتأخر في الرد و المشاركة مع الإخوة ـ بارك الله تعالى فيهم ـ لأنني مشغول جدا في دراستي، و قد قننت لنفسي الدخول على الشبكة يوما واحد فقط في الأسبوع ـ هو يوم الجمعة ـ أضع فيه كل مشاركاتي و ردودي، فأرجو ألا تهمل المواضيع لطول الأيام،،،،،، و اعتذاري إليكم
أخوكم المحب / محمد يوسف رشيد