تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَيْ: فَلْيُطِلْ الْغُرَّة وَالتَّحْجِيل. وَاقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأُخْرَى نَحْو (سَرَابِيل تَقِيكُمْ الْحَرّ) وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْر الْغُرَّة وَهِيَ مُؤَنَّثَة دُون التَّحْجِيل وَهُوَ مُذَكَّر لِأَنَّ مَحَلّ الْغُرَّة أَشْرَف أَعْضَاء الْوُضُوء، وَأَوَّل مَا يَقَع عَلَيْهِ النَّظَر مِنْ الْإِنْسَان. عَلَى أَنَّ فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق عُمَارَة بْن غَزِيَّة ذِكْر الْأَمْرَيْنِ، وَلَفْظه " فَلْيُطِلْ غُرَّته وَتَحْجِيله " وَقَالَ اِبْن بَطَّال: كَنَّى أَبُو هُرَيْرَة بِالْغُرَّةِ عَنْ التَّحْجِيل لِأَنَّ الْوَجْه لَا سَبِيل إِلَى الزِّيَادَة فِي غَسْله، وَفِيمَا قَالَ نَظَر لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِم قَلْب اللُّغَة، وَمَا نَفَاهُ مَمْنُوع لِأَنَّ الْإِطَالَة مُمْكِنَة فِي الْوَجْه بِأَنْ يَغْسِل إِلَى صَفْحَة الْعُنُق مَثَلًا. وَنَقَلَ الرَّافِعِيّ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّ الْغُرَّة تُطْلَق عَلَى كُلّ مِنْ الْغُرَّة وَالتَّحْجِيل. ثُمَّ إِنَّ ظَاهِره أَنَّهُ بَقِيَّة الْحَدِيث، لَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيق فُلَيْح عَنْ نُعَيْمٍ وَفِي آخِره: قَالَ نُعَيْم لَا أَدْرِي قَوْله مَنْ اِسْتَطَاعَ إِلَخْ مِنْ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ قَوْل أَبِي هُرَيْرَة، وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْجُمْلَة فِي رِوَايَة أَحَد مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيث مِنْ الصَّحَابَة وَهُمْ عَشَرَة وَلَا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة غَيْر رِوَايَة نُعَيْمٍ هَذِهِ وَاَللَّه أَعْلَم

وبعد هذا مباشرة قال رحمه الله تعالى

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْقَدْر الْمُسْتَحَبّ مِنْ التَّطْوِيل فِي التَّحْجِيل فَقِيلَ: إِلَى الْمَنْكِب وَالرُّكْبَة، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رِوَايَة وَرَأْيًا. وَعَنْ اِبْن عُمَر مِنْ فِعْله أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة، وَأَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ حَسَن، وَقِيلَ الْمُسْتَحَبّ الزِّيَادَة إِلَى نِصْف الْعَضُد وَالسَّاق، وَقِيلَ إِلَى فَوْق ذَلِكَ. وَقَالَ اِبْن بَطَّال وَطَائِفَة مِنْ الْمَالِكِيَّة: لَا تُسْتَحَبّ الزِّيَادَة عَلَى الْكَعْب وَالْمِرْفَق لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ " وَكَلَامهمْ مُعْتَرَض مِنْ وُجُوه، وَرِوَايَة مُسْلِم صَرِيحَة فِي الِاسْتِحْبَاب فَلَا تَعَارُض بِالِاحْتِمَالِ. وَأَمَّا دَعْوَاهُمْ اِتِّفَاق الْعُلَمَاء عَلَى خِلَاف مَذْهَب أَبِي هُرَيْرَة فِي ذَلِكَ فَهِيَ مَرْدُودَة بِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ اِبْن عُمَر، وَقَدْ صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف وَأَكْثَر الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة. وَأَمَّا تَأْوِيلهمْ الْإِطَالَة الْمَطْلُوبَة بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْوُضُوء فَمُعْتَرَض بِأَنَّ الرَّاوِي أَدْرَى بِمَعْنَى مَا رَوَى، كَيْف وَقَدْ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ إِلَى الشَّارِع صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيث مَعْنَى مَا تَرْجَمَ لَهُ مِنْ فَضْل الْوُضُوء؛ لِأَنَّ الْفَضْل الْحَاصِل بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيل مِنْ آثَار الزِّيَادَة عَلَى الْوَاجِب، فَكَيْف الظَّنّ بِالْوَاجِبِ؟ وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ أَحَادِيث صَحِيحَة صَرِيحَة أَخْرَجَهَا مُسْلِم وَغَيْره، وَفِيهِ جَوَاز الْوُضُوء عَلَى ظَهْر الْمَسْجِد لَكِنْ إِذَا لَمْ يَحْصُل مِنْهُ أَذًى لِلْمَسْجِدِ أَوْ لِمَنْ فِيهِ. وَاَللَّه أَعْلَم.


فالذي يتلخص والعلم عند الله أنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح أبو هريرة رضي الله عنه أن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك

والله تعالى أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير