تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الرابع): مما استدل به القائلون بأن موضع المقام اليوم هو موضعه في عهد النبوة ما رواه الأزرقي في "تأريخ مكة" قال: حدثني جدي، قال حدثنا سليم بن مسلم () عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر. عن عبدالله بن السائب وكان يصلي بأهل مكة، فقال: أنا أول من صلى خلف المقام حين رد في موضعه هذا، ثم دخل عمر وأنا في الصلاة فصلى خلفي صلاة المغرب. ووجه الاستدلال به أن أقول عبدالله بن السائب (حين رد في موضعه) هذا يفهم منه أن له موضعًا قبل التحويل. فيلزم منه أنه موضعه في عهد النبوة.

والجواب عن هذا: أن سياق عبدالرزاق أحسن من سياق سليم ابن مسلم: فقد قال عبدالرزاق في "مصنفه": عن ابن جريج، عن محمد بن عياد بن جعفر وعمر بن عبدالله بن صفوان وغيرهما: أن عمر قدم فنزل في دار ابن سباع، فقال يا أبا عبدالرحمن: صل بالناس المغرب، فصليت وراءه، وكنت أول من صلى وراءه حين وضع، ثم قال: فأحسست عمر وقد صليت ركعة فصلى ورائي ما بقي. أهـ. فكلمة (حين وضع) في رواية عبدالرزاق هذه هي التي غيرها سليم بن مسلم بقوله: (حين رد في موضعه هذا). وسليم بن مسلم غير مأمون على عقيدته ولا على الحديث كما بينه الأئمة. قال العقيلي في "الضعفاء": حدثنا محمد، قال حدثنا عباس، قال سمعت يحيى ذكر سليم بن مسلم المكي، فقال: كان ينزل مكة، وكان جهميًا خبيثْا. وقال النسائي في "الضعفاء والمتروكين": سليم ابن مسلم الخشاب متروك الحديث. أهـ. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "لسان الميزان": سليم بن مسلم المكي الخشاب الكاتب عن ابن جريج، قال ابن معين: جهمي خبيث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئًا. قال الحافظ وقال أبوحاتم في ترجمة سليم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. وقال الدوري عن ابن معين: ليس بقوي. وقال مرة: متروك. أهـ المراد من كلام الحافظ في "لسان الميزان".

(الخامس): مما استدلوا به ما ذكره الأزرقي في "تأريخ مكة" بعد ما ساق حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في وجه الكعبة حذر الطرقة البيضاء. روى عن جده أنه قال: قال داود: وكان ابن جريج يشير لنا إلى هذا الموضع، ويقول: هذا الموضع الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الموضع الذي جعل فيه المقام حين ذهب به سيل أم نهشل إلى أن قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرده إلى موضعه الذي كان فيه في الجاهلية وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وبعض خلافة عمر رضي الله عنه إلى أن ذهب به السيل.

والجواب عن هذا أن ما ذكره الأزرقي عن ابن جريج يخالف ما صح عن مشايخ ابن جريج عطاء وغيره من رواية ابن جريج عنهم، فقد تقدم أن عبدالرزاق روى في "مصنفه" بسند صحيح أنهم قالوا: إن عمر أول من رفع المقام فوضعه موضعه الآن ().

(السادس): مما استدلوا به ما رواه الأزرقي في "تأريخ مكة" قال: حدثني جدي، حدثنا داود بن عبدالرحمن، عن ابن جريج، عن كثير بن كثير بن المطلب ابن أبي وداعة السهمي، عن أبيه () عن جده، قال: كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر بن الخطاب الردم الأعلى، وكان يقال لهذا الباب باب السيل، قال فكانت السيول ربما دفعت المقام عن موضعه وربما نحته إلى وجه الكعبة، حتى جاء سيل في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقال له سيل أم نهشل، وإنما سمي بأم نهشل أنه ذهب بأم نهشل إبنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد ابن العاص فماتت فيه، فاحتمل المقام من موضعه هذا فذهب به حتى وجد بأسفل مكة، فأتى به فربطه إلى أستار الكعبة في وجهها، وكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فأقبل عمر فزعًا فدخل بعمرة في شهر رمضان وقد غبي موضعه وعفاه السيل، فدعا عمر بالناس فقال أنشد الله عبدًا عنده علم في هذا المقام، فقال المطلب () بن أبي وداعة السهمي: أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك، فقد كنت أخشى عليه، فأخذت قدره من موضعه إلى الركن، ومن موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بمقاط وهو عندي في البيت.

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[24 - 01 - 04, 04:54 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير