تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المعبر عنها بالإشارات. وإليك نصهما بذلك:

قال العلامة ابن القيم في "التبيان في أقسام القرآن" ص79: تفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون. وتفسير على المعنى. وهو الذي يذكره السلف. وتفسير على الإشارة والقياس. وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم. وهذا لا بأس به بأربعة شروط: أن لا يناقض معنى الآية، وأن يكون صحيحًا في نفسه، وأن يكون في اللفظ إشعار به، وأن يكون بينه وبين الآية ارتباط وتلازم. فإذا اجتمعتت هذه الأمور الأربعة كان استنباطًا حسنًا. أهـ. وقال في تفسير قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) () ص23: دلت الآية بإشارتها وإيمائها على أنه لا يدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوب الطاهرة، وحرام على القلب المتلوث بنجاسة البدع والمخالفات أن ينال معانيه وأن يفهمه كما ينبغي، قال البخاري في صحيحه في هذه الآية: لا يجد طعمه إلا من آمن به. وهذا أيضًا من إشارة الآية وتنبيهها، وهو أنه لا يلتذ بقراءته وفهمه وتدبره إلا من شهد أنه كلام الله تكلم به حقًا وأنزله على رسوله، ولا ينال معانيه إلا من لم يكن في قلبه حرج بوجه من الوجود. أهـ.

وقال ابن القيم في "مدارج" السالكين ص416 ج ثاني في الكلام على الإشارات الصوفية: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الصحيح منها ما يدل عليه اللفظ بإشارة من باب قياس الأولى. قلت: مثاله قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) () ثم بعد كلام طويل في تفسير الآية قال: فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر، لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون لكرامتها على الله فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إلا طاهر، وسمعته يقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة" (): إذا كانت الملائكة المخلوقون يمنعها الكلب من دخول البيت، فكيف تلج معرفة الله عز وجل ومحبته وحلاوة ذكره والأنس بقربه في قلب ممتليء بكلاب الشهوات وصورها، فهذا من إشارة اللفظ الصحيحة. ومن هذا أن طهارة الثوب الطاهر والبدن إذا كانت شرطًا في صحة الصلاة والاعتداد بها فإذا أخل بها كانت فاسدة، فكيف إذا كان القلب نجسًا ولم يطهره صاحبه فكيف يعتد له بصلاته وإن سقطت المطالبة، وهل طهارة الظاهر إلا تكميل لطهارة الباطن. ومن هذا أن استقبال القبلة في الصلاة شرط لصحتها وهي بيت الرب، فتوجه المصلي إليها ببدنه وقلبه شرط، فكيف تصح صلاة من لم يتوجه بقلبه إلى رب القبلة والبدن، بل وجه بدنه إلى البيت ووجه قلبه إلى غير رب البيت. وأمثال ذلك من الإشارات الصحيحة التي لا تنال إلا بصفاء الباطن وصحة البصيرة وحسن السيرة وحسن التأمل والله أعلم.

وقال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية بعد ذكر نوع من إشارات الصوفية الباطلة قال في "شرح حديث النزول": منها – أي إشارات الصوفية – ما يكون معناه صحيحًا وإن لم يكن هو المراد باللفظ وهو الأكثر في إشارات الصوفية، وبعض ذلك لا يجعل تفسيرًا بل يجعل من باب الاعتبار والقياس، وهذه طريقة صحيحة علمية كما في قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب" فإذا كان ورقة لا يمسه إلا طاهر البدن، فمعناه لا تهتدي بها إلا القلوب الطاهرة، وإذا كان الملك لا يدخل بيتًا فيه كلب فالمعاني التي تحبها الملائكة لا تدخل قلبًا فيه أخلاق الكلب المذمومة. ولا تنزل الملائكة على هؤلاء. وهذا لبسطه، وضع آخر. أهـ.

قلت: ومن قبيل التفسير الغير اللفظي تفسير السدي (طهرا) في قوله تعالى: (أن طهرا بيتي): بأمنا. رواه عنه الأزرقي في "أخبار مكة" وروى عنه ابن كثير في تفسيره أنه قال في تفسر (طهرا): إبنيا. وكذلك تفسير يمان (طهرا بيتي) بقوله: خلقاه، وبخراه. ذكره عنه القرطبي في تفسيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير