تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يدي ناقته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إصرخ: أيها الناس هل تدرون أي شهر هذا " الحديث.

قال من نقل الحديثين السابقين: ولعل ثالثهما ما أخرجاه في الصحيحين واللفظ للبخاري، عن أنس، قال:" صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين، فبات بها، فلما أصبح ركب راحلته فجعل يهلل ويسبح، فلما علا على البيداء لبى بهما جميعاً، فلما دخل مكة أمرهم أن يحلوا، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده سبع بدن قياماً " وفي السنن الكبرى للبيهقي عن ابن وهب، قال: أخبرني مالك بن أنس، عن عمرو بن دينار، أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة فقد استمتع، ووجب عليه الهدي، والصيام إن لم يجد هدياً.

والجواب عن الحديث الأول الذي رواه أحمد ومسلم والطيالسي فيما زعمه من أورده أن يقال: لا حجة في هذا الحديث على ما ذهبوا إليه من وجوه:

" أحدهما " أن يقال: لا منافاة بين مدلوله وبين مدلول سائر الأحاديث التي ذكرناها وغيرها في هذا الباب، فإن فيهن جميعاً نطقاً أو تضمناً أمر النبي صلى الله عليه وسلم للقارن والمفرد الذين لم يسوقا الهدي بالتحلل، والأمر بالهدي، والأمر باشتراك السبعة في البدنة.

نعم في هذا الحديث تنسيق أمرهم بالهدي وأمرهم بأن يشترك السبعة في البدنة على أمرهم إياهم بالفسخ بلا فصل، متبعاً ذلك بهذه الزيادة وهي قوله:" وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم" ولم تنسق هذه الأمور في بقية الأحاديث هذا التنسيق الذي في هذا الحديث، ولم تذكر فيهن تلك الزيادة، بل جاءت الأوامر في تلك الأحاديث مفصولاً بعضها عن بعض بجمل، فنشأ عن اختلافها هذا الاختلاف سوء فهم من استدل بهذا الحديث على جواز تقديم الذبح على يوم النحر، ولم يفرق بين زمن الأمر بالشيء وزمن فعل المأمور به فظن أن الإشارة في قوله " وذلك حين أمرهم " إلخ إشارة إلى زمن الذبح، وإنما هو الإشارة إلى زمن الأمر، والمراد أن زمن الأمر بالفسخ. وزمن الأمر بالهدي زمن واحد، أو أنها تأكيد للجملة الأولى.

ثم الأمر لا يفيد الفورية إلا حيث تجرد عن قرينة متصلة أو منفصلة، وهو هنا لم يتجرد عن القرينة المنفصلة، بل جاءت السنة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أن زمن ذبح الهدايا هو يوم النحر، وذلك: من فعله صلى الله عليه وسلم، وقوله، وتقريره. من ذلك ما في المتفق عليه من حديث عائشة، قالت:" وذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر يوم النحر " وهن ما عدا عائشة ممن فسخ الحج إلى العمرة، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم يوم النحر لما نحر ما نحر من هديه " ونحرت هاهنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم ".

والذي لا ريب فيه أنه لم يثبت عن واحد من الصحابة أنه أهدى قبل يوم النحر، وعلى من زعم خلاف ذلك إقامة الدليل، وهيهات أن يقيم دليلاً صحيحاً على ذلك.

قال ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد ": وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ذبح هدي العمرة عند المروة،وهدي القران بمنى، وكذلك كان ابن عمر يفعل، ولم ينحر صلى الله عليه وسلم هديه قط إلا بعد أن حل، ولم ينحره قبل يوم النحر، ولا أحد من الصحابة البتة، ولم ينحره أياً إلا بعد طلوع الشمس، وبعد الرمي. فهي أربعة أمور مرتبة يوم النحر: أولها الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف. وهكذا رتبها صلى الله عليه وسلم، ولم يرخص في النحر قبل طلوع الشمس البتة، ولا ريب أن ذلك مخالف لهديه فحكمه حكم الأضحية إذا ذبحت قبل طلوع الشمس. ا هـ.

" وأيضاً ": إطلاق هذا الإسم وهو " يوم النحر " على اليوم العاشر من أيام ذي الحجة يفيد اختصاصه بذلك اسماً وفعلاً، وأن لا يشركه في ذلك سواه، إلا ما قام البرهان عليه كأيام التشريق فإنهن تبع له توسعة لزمن النحر. وإذا قلنا: اليوم العاشر من ذي الحجة يوم النحر.

فهي جملة اسمية معرفة الطرفين، وهي مفيدة الحصر عند أهل هذا الشأن، إلا أنه من باب الحصر إلا دعائي، ولهذا تشركه في ذلك أيام التشريق. ونظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:" الحج عرفة " أي معظمه لا كله، لأن البرهان الشرعي أدخل فيه أشياء أخرى من الطواف والسعي ورمي الجمار وغير ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير