تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والذي يتعلق منه بجواز الذبح قبل يوم النحر قليل جداً. وبيان ذلك أنه نقل عن الموفق رحمه الله ثلاثاً نقول: نقلين من " المغني" والثالث من " الكافي " وليس في واحد منها ما يدل على ذهاب الموفق إلى جواز تقديم ذبح دم المتعة على يوم النحر بحال، وأكثر ما فيه أنه ذكر ذلك مذهب الشافعي، واشار إلى وجه ذلك عند الشافعية.

والنقل الثالث عن الموفق من " كتاب الكافي" وليس فيه أيضاً ما يدل على جواز التقديم. ونقل عن ابن مفلح في " الفروع" ثلاثة نقول، وعن " الإنصاف" نقلاً واحداً، وأكثر ذلك أو كله يدور حول وقت وجوب الدم.

ولم ينقل التصريح بجواز التقديم إلا عن أبي الخطاب في " الانتصار" والآجري. وحينئذ نقابل قول هذين الحنبليين المجوزين لذلك بشخصين مثلهما من الأصحاب،ويبقى معنا الإمام أحمد وبقية الأصحاب. وأما كون ذلك رواية عن الإمام أحمد،فإن أحمد رحمه الله يكون له في المسألة الواحدة روايتان وثلاث روايات وأربع روايات وخمس روايات، ولا يدل ذلك على صحة كل رواية.

وكذلك ما نقل عن الشافعية والمالكية فهو نظير ما نقله عن الحنابلة من أن أكثره بل إلا النزر القليل حول وقت وجوب الدم، فالشافعية والمالكية المنقول عنهم ذلك يقابلون بأقوال أمثالهم من أصحابهم ومن الحنابلة. والشافعي وأبو حنيفة يقابلان بأحمد ومالك. وتبقى لنا الأحاديث الكثيرة الصحيحة الثابتة والصحابة والتابعون وكافة العلماء إلا النزر القليل جداً، كما يبقى لنا القرآن الكريم المفيد عدم جواز تقديم الذبح، وذلك في قوله تعالى ?وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا? () ووجه دلالة الآية على ذلك ما أخرجه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:" لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل" قال: فبلغ امرأة من بني أسد في البيت يقال لها أم يعقوب فجاءت إليه فقالت بلغني أنك قلت كيت وكيت قال: مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كتاب الله تعالى فقالت: إني لأقرا ما بين لوحيه فما وجدته، فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه أما قرأت ?وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا? قالت: بلى، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قالت: إني لأظن أهلك يفعلونه، قال: اذهبي فانظري، فذهبت فلم تر من حاجتها شيئاً، فجاءت فقالت: ما رأيت شيئاً، قال: لو كان كذا لم تجامعنا".

وليعلم أنه حيث ذكر بعض الشافعيين فيما نقل عنه ما يقتضي أن تقديم الذبح قيام تقديم أشياء ذكرها.

فيقال: إن " القياس" مردود إذا خالف النص باتفاق الأئمة، ويمتنع أيضاً القيام فيما انعقد سبب فعله زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يفعله، ومن المعلوم مصادمة هذا القول للنصوص،وأنه انعقد سببه زمن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولم يثبت عنه ذلك فعلاً منه ولا قولاً ولا تقريراً، بل الذي ثبت عنه وعن خلفائه الراشدين وأصحابه المرضيين خلاف ذلك،ومتى صح النقل وكان صريح الدلالة فإن القياس الذي بخلافه من أبطل القياس، وبطلانه من أساسه،ولا يمكن أن يختلف قياس صحيح مع نقل ثابت صريح،وحينئذ ليست المسألة من باب تعارض أصلين بحال، وتقديم صيام ثلاثة الأيام على يوم النحر الذي هو وقت الذبح وجهه ـ والله أعلم ـ حاجة الصيام إلى طول الوقت بخلاف الذبح فإن زمنه بضع دقائق، فحكمة الشرع اقتضت تقديم الصيام دون الذبح، وقد أعطي زمن الذبح من التطويل زمناً كافياً وهو بقية يوم النحر مضموماً إليه أيام التشريق الثلاثة، ولا يقال: ألا يكتفى في سعة الوقت للصيام أن يصمن في أيام التشريق. قيل: لا، لأنهن أعياد وأيام أكل وشرب، كما ثبتت بذلك السنة، نعم يصمن للضرورة إذا لم يبق للصوم زمن إلا ذلك، كما في الحديث: " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير