(جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا ب (قُباءَ)، فجئتُ وأنا غلامٌ (حَدَثٌ) حتى جلستُ عن يمينه، (وجلس أبو بكر عن يساره) ثُم دعا بشراب فشرب منه، ثُم أعطانيه، وأنا عن يمينه، فشربتُ منه، ثم قام يصلي، فرأيته يُصلِّي في نعليه). (2941 ـ الصحيحة).
قال:
" ففي هذا نص على أن الساقي يبدأ بمن عن يمينه، وليس بكبير القوم، أو أعلمهم، أو أفضلهم، وعلى ذلك جَرَي السلف الصالح كما تراه في " مصنف ابن أبي شيبة " (8/ 223). وقد رَوَى هو ومسلم وعبدالرزاق والحميدي في حديث أنس المشار إليه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شرب: كان عن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر، وعمر تجاهه، فقال: يارسول الله أعط أبابكر، وخشي أن يُعطي الأعرابي، فأبى صلى الله عليه وسلم وأعطى الأعرابي، وقال: الحديث. وفي رواية لمسلم: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الأيمنون، الأيمنون، الأيمنون ". قال أنس:
فهي سنة، فهي سنة، وهي سنة.
فأقول: فمن الغرائب أن يصر كثير من الأفاضل على مخالفة هذه السنة، بل هذا الأدب الاجتماعي الذي تفرد الإسلام به ـ في مجالسهم الخاصة ـ، حيث لا يُخْشى أن يقع اأيّ محظور في العمل بها سوى مخالفة عادة الآباء والأجداد
ولقد كان إعراضهم عن هذه السنة الصحيحة اعتماداً منهم على تلك الفلسفة التي نفيتها آنفاً ـ سبباً لمخالفتهم هم انفسهم إياها، حين لمْ يلتزموها عملياً، فصار الساقي يبدأ ـ على عِلم منهم ـ بأكابرهم وأمرأئهم، ولو كانت فلسفتهم لا تنطبق عليهم وأنا حين أقول هذا ـ أعلم أنّهم إنّما يُصرُّون على هذه المخالفة من باب الحكمة والسياسة والمداراة، وأنهم لا يملكون غير ذلك لفساد النفوس والأخلاق. ولكنّي أقول: لو أنهم التزموا العمل بهذه السنة في مجالسهم الخاصّة، وحضرها أحد أولئك الأمراء لا نقلبَ الأمر ولا ضْطُرّ هولاء إلى أنْ يسايسوا أهل المجلس، ولا سيما وهُم من الساسة ولمّا طمعوا أن يعاملوا بخلاف السنة، ثمّ لا نتشرت هذه إلى مجالس الساسة الخاصة ... "
جاء في " فتح الباري " (10/ 78):
" قال الخطابي وغيره: كانت العادة جارية لملوك الجاهلية ورؤسائهم بتقديم الأيمن في الشرب، حتى قال عمرو بن كلثوم في قصيدة له: " وكان الكأس مجراها اليمينا " فخشي عمر أن يقدم الأعرابي على أبي بكر في الشرب فنبه عليه لأنه احتمل عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر تقديم أبي بكر على تلك العادة فتصير السنة تقديم الأفضل في الشرب على اليمين، فبين النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله أن تلك العادة لم تغيرها السنة، وأنها مستمرة، وأن الأيمن يقدم على الأفضل في ذلك، ولا يلزم من ذلك حط رتبة الأفضل، وكان ذلك لفضل اليمين على اليسار ".
ـ[مبارك]ــــــــ[03 - 06 - 04, 12:14 ص]ـ
.
ـ[واحد من المسلمين]ــــــــ[06 - 06 - 04, 08:43 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا عبدالرحمن
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[06 - 06 - 04, 09:33 م]ـ
الإخوة الكرام طال الموضوع وهو بإختصار عن تقديم الكبير أم الذي على
اليمين في الدخول
أرجو مراجعة وقراءة ما نقله الشيخ عبدالرحمن السديس بتأمل في الرد رقم 29 ورقم 30.
ـ[المسيطير]ــــــــ[30 - 10 - 07, 12:03 ص]ـ
المشايخ الفضلاء /
جزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[30 - 10 - 07, 06:50 ص]ـ
جزى الله الإخوة المشاركين خيرا على إفاداتهم وأخص منهم الشيخ المسيطير الذي سبق بهذه الفائدة العزيزة من ذاك الشيخ الحبر الفقيه رحمه الله رحمة واسعة.
اطلعت على كتاب بعنوان: (التيامن وأحكامه في الفقه الإسلامي) للشيخ د. عبدالعزيز بن محمد الربيش عضو هيئة التدريس في قسم الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم، وأصله بحث منشور له في مجلة العلوم التربوية والدراسات الإسلامية التي تصدرها جامعة الملك سعود في العدد الثاني عشر.
وتكلم عن هذه المسألة وكان مما قاله:
(لا شك أن هذا الفعل) يقصد تقديم الأيمن في الدخول (يدل على نبل صاحبه وكريم أخلاقه وحسن تقديره للآخرين، وهو من الإيثار المحبب إلى النفوس .... ولكن لا نقول إنه سنة مستحبة فيقدم الأيمن على أنه السنة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، ولم أطلع حسب علمي القاصر على أحد من العلماء عده من التيامن المستحب)
¥