فلو كنت متعصبا حقا لأتيتك بعشرات النصوص المتضمنة لمديح الإمام والثناء عليه – بحق – من طرف أهل العلم الراسخين فيه، ولصدرت لك كلامي بمثل قول الإمام أحمد – رحمه الله -: (إذا رأيت الرجل يبغض مالكا فاعلم أنه صاحب بدعة) وقول أبي داود – رحمه الله – ما معناه: (أخشى على المبغض لمالك البدعة) وقول عبد الرحمن بن مهدي – رحمه الله -: (إذا رأيت الحجازي يحب مالك بن أنس فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيت أحدا يتناوله فاعلم أنه على خلاف السنة) نقل ذلك الشاطبي – رحمه الله - في الاعتصام 2/ 133. و2/ 631 - 632 من طبعة سليم الهلالي.
ولو كنت متعصبا حقا لسمعت مني ما تصطك منه المسامع جراء ما قلته جهلا وظلما في حق الإمام مما لا يرضاه سني ولا بدعي عنده بعض ورع، بل ولا يرضاه كافر أصلي منصف.
فمن يا محمد الأمين المتعصب – جهلا وظلما – آلذي قام ينصر إماما من أئمة السنة ويدفع عنه عادية الأعادي، يدفع ذلك بالحق والعلم، والنقل الموثق الصحيح، والحجة البينة، تصحيحا لنقل محرف، و إقامة لفهم خاطئ و ... أم الذي لم يجد لنصر باطله إلا تغيير النصوص وبترها، وتقويل أهل العلم ما لم يقولوا، والاحتجاج بالمتردية والنطيحة وما أكل السبع من الروايات والأشخاص؟
5 - ومن هذه الألفاظ لفظ الجهل: وهو عدم العلم، أو هو عدم العلم عما من شأنه أن يكون عالما.
وهو عندهم أقسام، الأول: الجهل البسيط، وهو ما تقدم.
الثاني الجهل المركب: وهو اعتقاد جازم غير مطابق، سواء كان مستندا إلى شبهة أو تقليد.
وإنما سمّي مركبا لأن من اتصف به يعتقد الشئ على خلاف ما هو عليه، فهذا جهل بذلك الشئ، ويعتقد أنه يعتقده على ما هو عليه، فهذا جهل آخر قد تركبا معا.
الثالث: فعل الشئ على خلاف ما حقه أن يفعل، سواء اعتقده صحيحا أم فاسدا.
ويطلق الجهل على ضد الحلم والرشد، وهذا أشهر إطلاق للجهل عند العرب قبل الإسلام، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم في شعره المشهور:
ألا لا يجهلن أحد علينا - - فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فلننظر الآن من الجاهل – بكل المعاني السابقة للجهل – آلذي عمد إلى إمام من أئمة أهل العلم والسنة، أجمع الناس على علمه وفضله ... فقام يتحطط عليه، ويستنقصه ويهزأ به، وينسب له عدة نقائص ... محتجا بكل ما تهافت مما ذكرته سابقا، و عَلِمَه كل من قرأ المقال، والتعليقات عليه، أم من قام يدفع كل ذلك بعلم وحلم؟
هل هناك أحد في هذه الدنيا أجهل ممن قام يناطح الجبال الرواسي؟ ألم تشفق يا محمد الأمين على نفسك بفعلك هذا؟ أين نحن يا محمد الأمين من أولئك النجوم علما وفضلا؟ لو كان عندك شئ من الرشد والحلم ما كنت تجمع هذا الخبط والخلط في هذا المقال المفيد!!! في الحط على الإمام مالك والتحامل عليه؟!! أهكذا يكتب العقلاء الحكماء عمن لولا استعمال الله لهم لحفظ دينه، لكنا - والعياذ بالله – الآن مثل من أضلهم الله.
وصدق من قال:
وإن ترفع الوضعاء يوما - - على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي - - فقد طابت منادمة المنايا
هل الجاهل من قام يصحح ما اعوج من استدلال، ويُظهر ما أُخفي من أدلة، ويتمم ما بُتر من نصوص، ويطلب الدليل على دعاوى مرسلة، ويقيد ما أطلق من جُمَل، ويخصص ما عمم من أقوال، و يدفع ما غاليت فيه من نفي؟ أم الجاهل من فعل عكس ذلك، تعصبا وتحاملا على إمام من أئمة المسلمين رجاء إسقاطه؟ وهيهات هيهات.
أليس الجاهل من اعتقد خلاف ما هو حق وواقع في إمام من أئمة المسلمين، فصوره على غير ما هو عليه، وعلى غير ما يعرفه كافة العقلاء، ثم أخذ يستنقصه ويهزأ به ويتحامل عليه، وينسب له ما لم يقل وما لم يفعل، ثم هو يريد – بزعمه - أن يضع منه ما شمخ، ويذهب إلى أهل الضلال من الشيعة يسترفدهم بعض النقول المبتورة المهجورة للتشغيب على الإمام – رحمه الله – ظلما وعلوا؟
أليس الجاهل من آذى إخوانه في الملتقى حتى ضجوا بالشكوى منه، وأخذوا يجأرون إلى الله أن يدفع عنهم أذيته؟
ولو شئتَ يا محمد الأمين أن أذكر لك نماذج في المقال وفي غيره تدل على جهلك بالعلم وسوء فهمك له لفعلتُ بإذن الله ولا فخر؟
¥