تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد تقدم قول الإمام القرطبي – رحمه الله - في تفسيره عند هذه الآية في آخر سورة الأعراف: ( .. إذا أقمت عليهم الحجة، وأمرتهم بالمعروف فجهلوا عليك، فأعرض عنهم، صيانة له عليهم، ورفعا لقدره عن مجاوبتهم).

وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله – ( ... قال ابن جرير: أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يأمر عباده بالمعروف، ويدخل في ذلك جميع الطاعات، وبالإعراض عن الجاهلين، وذلك وإن كان أمراً لنبيه صلى اللّه عليه وسلم فإنه تأديب لخلقه باحتمال من ظلمهم واعتدى عليهم، لا بالإعراض عمن جهل الحق الواجب من حق اللّه ولا بالصفح عمن كفر باللّه وجهل وحدانيته، وهو للمسلمين حرب .... وقال بعض العلماء: الناس رجلان: فرجل محسن فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه، وإما مسيء فمره بالمعروف فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله فأعرض عنه فلعل ذلك أن يرد كيده، كما قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن نحن أعلم بما يصفون}، وقال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}، وقال في هذه السورة الكريمة أيضاً: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم}، فهذه الآيات الثلاث في الأعراف والمؤمنون وحم السجدة لا رابع لهن، فإنه تعالى يرشد فيهن إلى معاملة العاصي من الإنس بالمعروف بالتي هي أحسن، فإن ذلك يكفه عما هو فيه من التمرد بإذنه تعالى، ولهذا قال: {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}).

وجاء في تفسير الجلالين: (خذ العفو) اليسر من أخلاق الناس ولا تبحث عنها (وأمر بالعرف) بالمعروف (وأعرض عن الجاهلين) فلا تقابلهم بسفههم).

وقال الشيخ ابن سعدي – رحمه الله -: ( ... ولما كان لا بد من أذية الجاهل، أمر الله تعالى أن يقابل الجاهل، بالإعراض عنه، وعدم مقابلته بجهله. فمن آذاك، بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك، لا تحرمه، ومن قطعك، فصله، ومن ظلمك فاعدل فيه).

فهل أقمت حجتك علي يا محمد الأمين حتى تعرض عني؟ أم أنك فررت من الرد لعجزك عن ذلك؟ واكتفيت بهذا الجواب المجمل المهمل قصد التشويه والإرهاب.

ثم هل التزمت بأدب الإعراض؟ أم تراك قابلت جهلي – إن كان – بأشد منه؟

وما تظنه أنت جهلا في التعليقات فقد رآه الكثيرون غيرك علما وحجة داحضة لكل ما أوردته في مقالك من ظلم وتحامل في حق الإمام مالك – رحمه الله – وقد رأيتَ شيئا من ذلك في الرابط الآخر، وما لم تره أكثر وأطيب.

فكان عليك - والحالة هذه – أن ترد على ما في التعليقات ردا مفصلا واضحا جليا، بعلم وحجة، لأن حفظ نفسك من الاتهام واجب عليك شرعا، ولا يكفي في ذلك الرد المجمل العاطل الذي لا يعجز عنه أحد. فهذا لا يدفع باطلا، ولا ينصر حقا.

أما علمت يا محمد الأمين قول الشاعر:

وحلم الفتى في غير موضعه جهل

والآية الثانية قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}

وهذه الآية جاءت ردا على المشركين في قولهم عن نبينا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - {إنما أنت مفتر} قال الإمام ابن كثير: (يخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض عن ذكره، وتغافل عما أنزله على رسوله صلى اللّه عليه وسلم ولم يكن له قصد إلى الإيمان بما جاء من عند اللّه، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم اللّه إلى الإيمان بآياته، وما أرسل به رسله في الدنيا ولهم عذاب أليم موجع في الآخرة، ثم أخبر تعالى أن رسوله صلى اللّه عليه وسلم ليس بمفتر ولا كذاب لأنه إنما يفتري الكذب على اللّه وعلى رسوله صلى اللّه عليه وسلم شرار الخلق {الذين لا يؤمنون بآيات اللّه} من الكفرة والملحدين المعروفين بالكذب عند الناس، والرسول محمد صلى اللّه عليه وسلم كان أصدق الناس، وأبرهم وأكملهم علماً وعملاً، وإيماناً وإيقاناً، معروفاً بالصدق في قومه لا يشك في ذلك أحد منهم، بحيث لا يدعى بينهم إلا بالأمين محمد؛ ولهذا قال هرقل ملك الروم، لأبي سفيان: (فما كان ليدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على اللّه عزَّ وجلَّ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير