[الفوائد المنتقاة من (تأويل مشكل القرآن) لابن قتيبة]
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 07 - 07, 01:33 م]ـ
(تأويل مشكل القرآن) لابن قتيبة
من الكتب الممتعة لابن قتيبة، كعادته في كتبه جميعا، رحمه الله
كنت أنتقر بعض العبارات التي تعجبني في أثناء القراءة، أحببت أن أشارك بها في هذا الملتقى المبارك
وترجع أهمية هذا الكتاب إلى أنه من أوائل الكتب التي اهتمت بعلم الوجوه والنظائر، وكذلك علم الاشتقاق وأصول الكلم، سابقا ابن فارس وابن جني وغيرهما، ويبدو لي - والله أعلم - أنه استفاد ذلك من الخليل رحمه الله.
وكذلك اهتم ابن قتيبة بحروف المعاني في القرآن، وبالألفاظ المشكلة
وكذلك اهتم بكثير من أبواب البلاغة كالمجاز والكناية والإضمار، وهذا مفيد جدا لمن أراد أن يدرس تطور علم البلاغة قبل الجرجاني؛ لأن جميع كتب البلاغة التي جاءت بعده تقريبا جرت على طريقته
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 07 - 07, 01:36 م]ـ
ص 12
وإنما يعرف فضل القرآن من كثُر نظره واتسع علمه وفهم مذاهب العرب وافتنانها في الأساليب وما خص الله به لغتها دون جميع اللغات؛ فإنه ليس في جميع الأمم أمة أوتيت من العارضة والبيان واتساع المجال ما أوتيته العرب خِصِّيصى من الله لما أرهصه في الرسول وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب فجعله علمه كما جعل علم كل نبي من المرسلين من أشبه الأمور بما في زمانه المبعوث فيه
ص 13
فالخطيب من العرب إذا ارتجل كلاما في نكاح أو حمالة أو تحضيض أو صلح أو ما أشبه ذلك لم يأت به من واد واحد، بل يفتنّ، فيختصر تارة إرادة التخفيف ويطيل تارة إرادة الإفهام، ويكرر تارة إرادة التوكيد ويخفي بعض معانيه حتى يغمض على أكثر السامعين ويكشف بعضها حتى يفهمه بعض الأعجمين، ويشير إلى الشيء ويكني عن الشيء.
وتكون عنايته بالكلام على حسب الحال وقدر الحفل وكثرة الحشد وجلالة المقام
ثم لا يأتي بالكلام كله مهذبا كل التهذيب ومصفى كل التصفية بل تجده يمزج ويشوب ليدل بالناقص على الوافر وبالغث على السمين ولو جعله كله نجرا واحدا لبخسه بهاءه وسلبه ماءه.
ص 14
ولها [يعني العرب] الإعراب الذي جعله الله وشيا لكلامها وحلية لنظامها وفارقا في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين والمعنيين المختلفين كالفاعل والمفعول لا يفرق بينهما إذا تساوت حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكل واحد منهما إلا بالإعراب
ص 17
وقد يكتنف الشيء معان فيشتق لكل معنى منها اسم من أسماء ذلك الشيء كاشتقاقهم من البطن للخميص مبطّن وللعظيم البطن إذا كان خلقة بطين فإذا كان من كثرة الأكل قيل مبطان وللمنهوم بطن وللعليل البطن مبطون.
ويقولون وجدت الضالة ووجدت في الغضب ووجدت في الحزن ووجدت في الاستغناء ثم يجعلون الاسم في الضالة وجودا ووجدانا وفي الحزن وجدا وفي الغضب موجدة وفي الاستغناء وُجدا
ص 17
وللعرب الشعر الذي أقامه الله تعالى لها مقام الكتاب لغيرها / وجعله لعلومها مستودعا ولآدابها حافظا ولأنسابها مقيدا ولأخبارها ديوانا لا يرثّ على الدهر، ولا يبيد على مر الزمان.
وحرسه بالوزن والقوافي وحسن النظم وجودة التحبير من التدليس والتغيير فمن أراد أن يحدث فيه شيئا عسر ذلك عليه ولم يخف له كما يخفى في الكلام المنثور
ص 20
وللعرب المجازات في الكلام، ومعناها طرق القول ومآخذه ففيها الاستعارة والتمثيل والقلب والتقديم والتأخير والحذف والتكرار والإخفاء والإهار والتعريض والإفصاح والكناية والإيضاح ومخاطبة الواحد مخاطبة الجمع والجميع خطاب الواحد والواحد والجميع خطاب الاثنين والقصد بلفظ الخصوص لمعنى العموم وبلفظ العموم / لمعنى الخصوص، مع أشياء كثيرة ستراها في أبواب المجاز إن شاء الله.
وبكل هذه المذاهب نزل القرآن، ولذلك لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقله إلى شيء من الألسنة كما نقل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى بالعربية؛ لأن العجم لم تتسع في المجاز اتساع العرب.
ص 33
وقد غلط في تأويل هذا الحديث قوم فقالوا: السبعة الأحرف وعد ووعيد وحلال وحرام ومواعظ وأمثال واحتجاج.
وقال آخرون: هي سبع لغات في الكلمة.
وقال قوم: حلال وحرام وأمر ونهي وخبر ما كان قبل وخبر ما هو كائن بعد وأمثال
/ وليس شيء من هذه المذاهب لهذا الحديث بتأويل
....
وإنما تأويل قوله صلى الله عليه وسلم نزل القرآن على سبعة أحرف على سبعة أوجه من اللغات متفرقة في القرآن
ص 35
والحرف يقع على المثال المقطوع من حروف المعجم، وعلى الكلمة الواحدة ويقع الحرف على الكلمة بأسرها، والخطبة كلها والقصيدة بكمالها.
ص 36
وقد تدبرت وجوه الخلاف في القراءات فوجدتها سبعة أوجه
أولها الاختلاف في إعراب الكلمة أو في حركة بنائها بما لا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها ....
والوجه الثاني أن يكون الاختلاف في إعراب الكلمة وحركات / بنائها بما يغير معناها ولا يزيلها عن صورتها في الكتاب ........ /
والوجه الثالث أن يكون الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها بما يغير معناها ولا يزيل صورتها ........
والوجه الرابع أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يغير صورتها في الكتاب ولا يغير معناها ...
والوجه الخامس أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يزيل صورتها ومعناها ...
والوجه السادس أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير ....
/ والوجه السابع أن يكون الاختلاف بالزيادة والنقصان ....
ص 39
والأسدي يقرأ تِعلمون وتِعلم وتِسود وجوه وألم إِعهد إليكم
والتميمي يهمز والقرشي لا يهمز
¥