تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[27 - 03 - 04, 07:51 ص]ـ

الأخ الفاضل الشيخ أبو عمر: جزاكم الله خيرا على جهودكم في تقرير العلم و تحريره ..

و بخصوص كلمة المذي و التي نقلت النصَّ على أنها مصحفة، فهي كذلك و السياق دال على ذلك، و برهان ذلك: أن الشيخ رحمه الله يتكلم عن مسألة نجاسة الخارج من غير السبيلين، و منها: القيح و الصديد و المدة، وهي المسألة التي جرى ذكرها في كتب الفقه في باب النجاسات و إزالتها ...

فالقيح و الصديد و المدة من بابة واحدة، فكلها موادٌّ تخرج من الجروح.

فالقيح: هو المدة الخالصة التي لا يخالطها دم.

والمدة: ما يجتمع في الجرح من القيح.

والصديد: هو ماء الجرح الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المدة.

و المذهب نجاسته ..

لأجل هذا نقل البعلي اختيار شيخ الإسلام في هذه المسألة، فقال: (و لا يجب غسل الثوب و البدن من المدَّة و القيح و الصديد .. )،

و قال: (و لم يقم دليل على نجاسته).

و أما قوله: (، ولم يقم دليل على نجاسته.

وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته).

يعني الخارج من الجروح و هو القيح و ما في بابه؛ لأن المذهب على نجاسته.

و أما قوله (و الأقوى في المذي: أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد).

فهذا انتقال إلى مسألة أخرى، و هي مسألة نجاسة المذي هل هي مخففة يجزئ فيها النضح أم مغلظة لا بد فيها من الغسل؟

فذكر البعلي اختيار ابن تيمية فيها.

و هاهنا تنبيه مهم لمن يقرأ في الاختيارات، وهو أن كثيرا من الجمل المختصرة من كلام ابن تيمية تكونُ متداخلة في نقول البعلي، وكذلك تجدها في جميع المطبوعات من الاخيارات، فيظن القارئ لها أن النقول لمسألة واحدة، و ليس الأمر كذلك، لأجل هذا كان لا بد من وضع عناوين جانبية للمسائل و توثيق النقول، و مسألتنا هذه شاهد على ذلك.

و عبارة المسألة نقلها ابن القيم مع زيادات فقال: (و قال شيخنا: لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المدة والقيح و الصديد، قال: و لم يقم دليل على نجاسته، و ذهب بعض أهل العلم إلى أنه طاهر حكاه أبو البركات.

و كان ابن عمر رضي الله عنهما لا ينصرف منه من الصلاة و ينصرف من الدم وعن الحسن نحوه.

و سئل أبو مجلز عن القيح يصيب البدن والثوب فقال: ليس بشيء إنما ذكر الله الدم، و لم يذكر القيح.

و قال إسحاق بن راهويه كل ما كان سوى الدم فهو عندي مثل العرق المنتن وشبهه ولا يوجب وضوءا.

و سئل أحمد رحمه الله الدم والقيح عندك سواء فقال لا الدم لم يختلف الناس فيه والقيح قد اختلف الناس فيه وقال مرة القيح والصديد والمدة عندي أسهل من الدم).

فالمسألة في القيح و ما في بابه، و مراد الشيخ في الاستدلا لبفعل ابن عمر، كونه عصر بثرة فخرج منها دم و لم يتوضا.

و هذه المسألة لم أقف على نصها في كتب ابن تيمية رحمه الله، لكن تطرق إليها الشيخ في شرحه على العمدة (1/ 104و105و109)، و نقل نصوص أحمد في ذلك و مناه قوله في شرح العمدة: (و كذلك القيح و المدة و الصديد و ماء القروح- إان كان متغيرا فهو كالقيح و إلا فهو طاهر كالعرق - قال أحمد: القيح و الصديد و المدة عندي أسهل من الدم الذي فيه شك - يعني في نجاسته - و سئل: القيح و الدم عندك سواء فقال: الدم لم يختلف الناس فيه، و القيح قد اختلف الناس فيه.

قال البخاري: بزق عبد الله بن أبي أوفى دما فمضى في صلاته، و عصر ابن عمر بثرة فخرج منها دم و لم يتوضا.

وحكى أحمد أن أبا هريرة أدخل أصبعه في أنفه فخرج عليها دم فلم يتوضا.

و عن جابر ابن عبدالله انه سئل عن رجل يصلي فامتخط فخرج من مخاطه شيء .. ).

فنحلاحظ كيف يجمع أحمد و ابن تيمية بل غيرهما من الأئمة بين: القيح و الصديد و المدة، و هذا وفق ما عللنا آنفًا.

و ما نقلته أخي أبا عمر عن الإنصاف يؤيد قول الشيخ بنجاسة المذي، لكنه يقول بأنها مخففة و يجزئ فيها النضح كبول الصبي الذي لم يطعم، فالنضح يطهره لمشقة الاحتراز منه، و هذا بين مما سقته.

و أظنه هو الذي ترون، بل صرحتم به فقلتم (2 - وإما عدم الدليل على كونه نجاسةً مغلَّظة.

ولعل الثاني أقرب وألصق بمفهوم كلام الشيخ في غير ما كتاب من كتبه).

و هذه نتيجة صحيحة سليمة.

ثم وقفت على اللفظ المتباحث فيه على الصواب أيضًا في كلام العلامة المردواي حيث قال في الإنصاف: (تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ الْقَيْحَ وَالصَّدِيدَ وَالْمِدَّةَ نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ طَهَارَةُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فَقَالَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ. انْتَهَى).

فبان أن اللفظ مصحف بلا ريب.

بقي ما طلبته أخي أبا عمر من اختلاف النسخ، فأعلمك أن هذا التعليق مر عليه الآن أكثر من سبع سنوات، و ليست الاختلافات مذكورة على نسختي منه، و نسخ الكتاب ليست بين يدي الآن، و الأمر في استخراجها صعب جدا الآن، و لا أذكر يقينا، هل اتفقت النسخ على ذلك الخطأ أم لا؟.

و قلت: يقينا؛ لأن فيها بعض الشك عندي، و ما كان كذلك فلا يحسن بثه، و أما النسخ المطبوعة فكذلك، و أرجو أن يتيسر لي من الوقت ما أذكر فيه اختلاف نسخ الكتاب مع المطبوعة الجديدة، و الله الموفق لما فيه الخير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير