الأول / أنه بذلك اللفظ قد جعل مع الله ندا في صفة علم الغيب وهو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي سماه الله عبدا فقال سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله 000الآية وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم الشرك فقال كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك 000الحديث 0 وهنا قد جعل لله نده في صفة علم الغيب 0
الثاني / قال الله تعالى: ((قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله 00)) وقال (قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)) وكيف يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم الغيب وهو غائب ميت في قبره وقد قال تعالى إنك ميت وإنهم ميتون 0
الثالث / كيف يدعى أنه يعلم الغيب وقد روى البخاري في صحيحه يْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ أَلَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ إِلَى قَوْلِهِ شَهِيدٌ فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ
فقد قال الله له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك 0 وما أحدثوا بعده من علم الغيب الذي خطه القلم عندما خلقه الله فقال اكتب قال ما أكتب قال أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة أو كما قال فدل يقينا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب أو ما خط في اللوح المحفوظ إلا بقدر ما علمه الله كأشراط الساعة ونحو ذلك0
الرابع / استدل بعض صوفية دمشق في جامع الأشمر في الزاهرة أمامي وقد قام يدرس العامة في التفسير بعد صلاة المغرب على أن النبي يعلم ما في اللوح المحفوظ بقوله تعالى: ((وعلمك ما لم تكن تعلم)) و"ما " للعموم 0وصدق الله فقال 00وأما اللذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله وصدق رسول الله فيما رواه البخاري قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ "
والرد على هذا المبتدع الجهول أن يقال أن العام ينقسم إلى ثلاثة أقسام عام مخصوص وعام أريد به الخصوص وعام باقي على عمومه فمثال الأول قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة 0000) الآية. وهذا عام وهو اللفظ المستغرق لجميع أفراده بلا حصر ولكنه مخصوص أي دخله التخصيص وهو ما رواه مالك وغير ه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر هو الطهور ماؤه والحل ميتته وهذا مخصص منفصل وأحيانا يكون متصلا 00كقوله إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم0
والثاني العام الذي أريد به الخاص كقوله تعالى تدمر كل شيء بأمر ربها أي تدمر تدميرا خاص أي مخصوص بما أمرت بتدميره ولذلك قال فأصبح لا يرى إلا مساكنهم مع أن ظاهر اللفظ العموم ولكن القرينة الحسية والقرآنية خصصته وهي نها لم تدم كل شيء ولذلك جاء في آخر الآية أن مساكنهم بقيت فصار عاما أريد به الخصوص0أ0
وقوله علمك ما لم تكن تعلم عام أريد به الخاص فعلمه أمور الأحكام وأشراط الساعة لا مطلق علم الغيب تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا 0
وعام باقي على عمومه كقوله كل ابن آدم خطاء00الحديث
فالمقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب فلا يقال عن شيء حدث بعده أو حتى في حياته من العادات كغياب رجل أو نحو ذلك الله ورسوله أعلم فإن ذلك شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام0
الجهة الثانية / إذا قيلت الكلمة وكانت خاصة بالأحكام الشرعية و الإجتهادت العلمية فهي على قسمين: أما أن تقال في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا وارد في عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم يا معاذ أتدري ماحق الله على عباده وما حق العباد على الله فقال الله ورسوله أعلم 000الحديث وغيره ليس بالقليل 0فهذا جائز لا مرية فيه 0
وإما أن تقال في الأحكام الشرعية بعد وفاته فهذا لو كان من الخير لسبقنا إليه السلف فهو بدعة ومحدث وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف فكم من أجوبة سمعت من قبل الصحابة وأئمة الدين فهل قالها أحدهم 0؟؟
تنبيه: ليس يلزم أن من قالها مبتدع أو مشرك حتى يعلم معناها ثم يتعمد النطق بها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وليس كل من نطق بمقالة الكفر كافر 000قلت أي حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع وتقام حجة 0ولذلك يعذر مثل ذلك الرجل الذي ضرب به رسول الله مثلا في حديث لله أفرح بتوبة عبده0000الحديث وفيه قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح نسأل الله السلامة والعافية 0
والحمد لله الذي به تتم الصالحات وأسأل الله أن يتجاوز عن السيئات والله أعلم 0
(منقوله)
¥