تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي الفاضل الأطر على الحق من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و هذا الأصل مشروط بحدود الشرع فلا يجوز لنا أن نأمر الناس المعروف ثم نقع بسبب هذا الأمر بعين المنكر الذي ننهى الناس عنه بل تركنا لهذا المعروف و وقوعنا في هذا المنكر أعظم من وقوع العامة به فلو وقع عامي بهذا المنكر لعذر عند الناس و لكن لو وقع الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر بعين ما نهى عنه و ترك عين ما أمر به لكن من أعظم الأسباب للطعن به بل و الطعن بعموم أهل العلم و طلبته بهذه الحجة فكيف يأمر الناس بحضور صلاة الجماعة ثم يخرج الناس و يرونه يصلي في جماعة أخرى أليس هذا مذموم طبعا قبل أن يكون شرعا لذا قال الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتي مثلَه ---- عار عليك إذا فعلت عظيم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وجماع ذلك داخل فى (القاعدة العامة (فيما اذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات او تزاحمت فانه يجب ترجيح الراجح منها فيما اذا ازدحمت والمصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد فان الأمر والنهى وان كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر فى المعارض له فان كان الذى يفوت من المصالح او يحصل من المفاسد اكثر لم يكن مأمورا به بل يكون محرما اذا كانت مفسدته اكثر من مصلحته لكن اعتبار مقادير والمصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الانسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها والا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر وقل ان تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام).

فانظر إلى كلام الشيخ رحمه الله بأن تقدير المصالح و المفاسد منوط بميزان الشرع لا بأهوائنا و أرائنا و معلوم أن الشارع أمر بوجوب حضور صلاة الجماعة و الأدلة على ذلك أظهر من أن تنقل هنا فلا يجوز معارضتها بمصالح متوهمة أو بألفاظ لا تسعف المحتج بها على مسألته فأي مقارنة بين أحاديث الأمر بصلاة الجماعة و بين الإحتجاج بحديث النبي صلى الله عليه و سلم (قال لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا حزم الحطب ثم آمر بالصلاة فتقام ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة).

ثم انظر قوله (فمتى قدر الانسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها والا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر) و مسألتنا هذه أدلتها ظاهرة جدا بوجوب حضور صلاة الجماعة و لم يخص محتسب من غيره بل المحتسب هو أولى الناس بحضور الجماعة من غيره.

فيجب الإلتزام بالشرع فهو المنجاة الحقيقية من الفتن اليوم و لا يجوز لنا تجاوز حدود الشرع لمصالح ردها الشارع و لم يعتبرها ثم نقدمها على النصوص بحجة الحكمة و المصلحة فأي حكمة بمخالفة الشرع بل من السفه ترك الشرع بحجة المصلحة و الحكمة كيف و الله تعالى يقول (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الزخرف: 43) فالوحي هو الهداية إلى الصراط المستقيم و خلافه هو الضلال المستبين فمتى بلغنا الوحي لزمنا التمسك و العمل به و إن خالف آرائنا قال أبو وائل: لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره، فقال: " اتهموا الرأي، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت، والله ورسوله أعلم، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر، ما نسد منها خصما إلا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له ".

أخي الفاضل نعم يجب أطر الناس على هذا الدين أطرا و لكن قبل أن نأطرهم يجب علينا أن نأطر انفسنا على هذا الشرع حتى يضع الله تعالى لنا القبول في الأرض و يقبل الناس ما نأمرهم به و يتركوا ما نهاهم عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض " و هل تنال محبة الله تعالى إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنى لنا القبول في الأرض إذا تركنا ما أمرنا الله تعالى به بحجة المصلحة و الحكمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير