تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رداً على بعض الأخوة الذين يدافعون عن فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الذي أفتى لأهل الحسبة بتأخير الصلاة من أجل أمرهم الناس بالصلاة جماعة.

قبل كل شى كما هو معلوم أن النصوص الشرعية إنما جاءت بوجوب رد التنازع إلى الكتاب والسنة فما وافقهما قبلناه وما عارضهما رددناه ولو كان المخالف لنا من أكابر العلم والفضل .. فإنما أقوال الرجال يحتج لها ولا يجتج بها قال الله تعالى: " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}

(59) سورة النساء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فى كتابه درء التعارض (1/ 146، 147) بعد أن ذكر هذه الآية: " فأمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول وهذا يوجب تقديم السمع وهذا هو الواجب، إذ لو ردوا إلى غير ذلك من عقول الرجال وآرائهم ومقاييسهم وبراهينهم لم يزدهم هذا الرد إلا اختلافا واضطرابا وشكا وارتياباً .. "

وقال ابن القيم رحمه الله فى كتابه أعلام الموقعين (1/ 49) إن قوله تعالى " فإن تنازعتم فى شيء " نكرة فى سياق الشرط فتعم كل ما تنازع فيه المؤمنون منم مسائل الدين، دقه وجله جليه وخفيه ولو لم يكن فى كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافياً لم يأمر بالرد إليه، إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عند فصل النزاع " إذاً هذا هو الأصل الموجب للإتباع.

قرأت الرد مراراً وتكراراً أعنى رد شيخنا عبدالرحمن المخلف فوجدته متوافق ومتماشياً مع نصوص الشرع وقواعده ومقاصده وكان فى منتهى الأدب فى ردوده ولم يتكلم عن ذات الشيخ بل عن فتوى الشيخ لأهل الحسبة وأن المصلحة تقتضى ذلك .. أقول: فقد أخرج مسلم فى صحيحه عن رافع بن خديج رضي الله عنه:" نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرِ كان لنا نافعاً، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا " فنحن مع المصلحة حيث يوجد الدليل الشرعى كما قال الإمام الشاطبى رحمه الله فى كتابه الموافقات (5/ 42) إن المصالح إنما اعتبرت من حيث وضعها الشارع كذلك، لا من حيث إدراك المكلف، إذ المصالح تختلف عند ذلك بالنسب والإضافات " فتأمل أخى القاريء قوله " من حيث وضعها الشارع " والمراد به كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وقال شيخ الإسلام ابن تمية رحمه الله فى كتابه مجموع الفتاوى (28/ 129): " اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو يميزان الشريعة فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، والا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر " وتأمل قوله " يميزان الشريعة " وتأمل قوله " لم يعدل عنها " أى نصوص الشرع فيتضح مما ذكر أن المصالح الموهومة أو الملغاة هى التى قامت الأدلة على اهدارها وأنها ليست من الأصول المعتبرة فى استنباط الحكم.

فنأتى إذاً عند أهل الحسبة الذى أمرهم الشيخ بتأخيرهم أو أسقط عنهم صلاة الجماعة الأولى بحجة دعوتهم للناس إلى الصلاة ولنا أن نسأل هل هذا الفعل ملائماً لتصرفات الشرع فضلاً عن الدليل .. هل من العقل أن يفنوا أعمارهم بحراسة الفضيلة كما ادعى البعض ولا يحرصون أشد الحرض على نيل هذه الفضيلة أعنى المداومة على الجماعة الاولى فى المسجد وهم يمثلون القدوة فى ذلك .. قال القرطبى فى تفسير قوله تعالى " {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (44) سورة البقرة.

قال: " اعلم وفقك الله تعالى أن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر لا بسبب الأمر بالبر ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قوما كانوا يأمرون بأعمال البر ولا يعملون بها وبخهم به توبيخا يتلى على طول الدهر إلى يوم القيامة فقال أتأمرون الناس بالبر الآية "

ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 04, 10:25 ص]ـ

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ابو يوسف الحنبلي

أقول: فقد أخرج مسلم فى صحيحه عن رافع بن خديج رضي الله عنه:" نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرِ كان لنا نافعاً، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا " فنحن مع المصلحة حيث يوجد الدليل الشرعى

الأخ الفاضل: أبا يوسف: أتدري الفرق بين "المنفعة " و "المصلحة"؟

لقد قال رافع 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (أمرٍ كان لنا نافعاً) ولم يقل: نهانا عن أمرٍ يصلحنا، أو فيه مصلحتنا!

وكثيرٌ من الخاصة لا يفرق بين المصلحة والمنفعة!

الشارع لا يمكن أن ينهى عما فيه مصلحة راجحة، خصوصاً إذا كانت تلك عامة للأمة، لا تخص فرداً بعينه، كالتي نحن بصددها.

وأهل الحسبة والمجاهدون ورجال الأمن وغيرهم مخصوصون بأحكام دون غيرهم، لما في عملهم من استصلاح الخلق. فإجراء النصوص الخاصة عليهم إجراءً ظاهرياً (أتوماتيكياً) ضربٌ من الجمود.

أما (ملاءمة تصرفات الشارع) فظاهر جداً: فإن الشارع يستثني من أصناف الناس من لهم نفعٌ عام، كما استثنى الرعاة والسقاة في الحج كما أشار أخونا الشيخ المقريء، أفتظن أن الشريعة الكاملة تضيق عن الترخيص للأطباء في الإسعاف عن تأخير صلاة الجماعة، ثمة فتاوي تجيز ذلك، والتعليل أن هذا من مصالح الناس العامة، ولا بد لهم منها، فكذا المحتسب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير