تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[16 - 06 - 04, 06:26 م]ـ

أخي أما إشارتك لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لعلك تقصد هذا الكلام (فقد ترك الواجب لمصلحة راجحة كما قال (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم إنطلق معي برجال معهم حزم حطب الى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار لولا ما فى البيوت من النساء والذرية (فكان يدع الجمعة والجماعة الواجبة لأجل عقوبة المتخلفين فإن هذا من باب الجهاد الذي قد يضيق وقته فهو مقدم على الجمعة والجماعة

ولو أن ولى الأمر كالمحتسب وغيره تخلف بعض الأيام عن الجمعة لينظر من لا يصليها فيعاقبه جاز ذلك وكان هذا من الأعذار المبيحة لترك الجمعة فإن عقوبة أولئك واجب متعين لا يمكن إلا بهذا الطريق والنبى قد بين أنه لولا النساء والصبيان لحرق البيوت على من فيها لكن فيها من لا تجب عليه جمعة ولا جماعة من النساء والصبيان فلا تجوز عقوبته كما لا ترجم الحامل حتى تضع حملها لأن قتل الجنين لا يجوز كما فى حديث الغامدية).

كلام شيخ الإسلام رحمه الله واضح بأنه مراده العقوبة لا مطلق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إن كانت العقوبة من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لكنها أخص منه.

الأمر الثاني كلام الشيخ واضح بأن لا يكون هذا ديدن له يترك الجماعة بحجة العقوبة كما هو واضح من سؤال أحد المحتسبين إلى الشيخ ابن باز (نحن نقوم بالتنبيه للصلوات ولذلك لا نستطيع الصلاة مع الجماعة في كثير من الأوقات ولكن نصلي بالمركز بعد التنبيه) فهؤلاء المحتسبه لا يصلون الجماعة كثير من أوقاتهم و هذا يتكرر يوميا فأي مقارنة مع ترك صلاة جماعة واحدة في يوم من الأيام من أجل المصلحة العامة و هذا الترك لا يؤثر في التزامه بالجماعة يوميا ففرق بين من كان ديدنه ترك الجماعة يوميا و بين من كان ديدنه التزام الجماعة يوميا ثم ترك جماعة واحدة في يوم واحد من أجل العمل بشرع لا يمكن العمل به إلا بترك هذه الجماعة في هذه اليوم.

و الأصل الذي أشار له شيخ الإسلام رحمه الله قد دلت عليه أدلة أخرى منها حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال (كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم ليصلح بينهم بعد الظهر فقال لبلال إن حضرت صلاة العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت العصر أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدم قال في آخره إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال وليصفح النساء).

ثم إن المتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه و سلم يجد أنه ما ترك صلاة الجماعة إلا مرة أو مرتين و تركها لمصلحة عامة دل عليها الشرع.

مع أن المقتضى الذي يدعيه من أفتى المحتسبه بترك الجماعة يوميا للمصلحة العامة موجود في زمن النبي صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام رضوان الله عليهم و لمن يتركوا الجماعة لهذا المقتضى فدل على أن هذا المقتضى غير معتبر عندهم.

و أما حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ).

فقد ذكرت في مشاركة سابقه بأنه لا يدل جواز ترك الجماعة و جعله ديدنا لنا بحجة المصلحه العامة فأقصى ما يحتج به في ترك الجماعة أحيانا لمصلحه اعتبرها الشارع.

و قد ذكرت سابقا أن هم النبي صلى الله عليه و سلم لا يدل على أنه يفعل هذا الهم بل هذا من التغليظ على من ترك صلاة الجماعة و لا يحتج بأن النبي صلى الله عليه و سلم ترك حرقهم لولا النساء و الصبيان فهذه الزيادة لم أجدها إلا عند الإمام أحمد بهذا السند قال حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ لَأَقَمْتُ الصَّلَاةَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يُحْرِقُونَ مَا فِي الْبُيُوتِ بِالنَّارِ).

و هذا الزيادة لا تصح لأن فيها (أبو معشر) و قد ضعفه عدة من أهل العلم كالإمام أحمد و يحيى بن معين و علي بن المديني و البخاري و أبو زرعة الرازي و أبو حاتم الرازي.

و هذه الزيادة كذلك فيها زيادة معنى و هذه الزيادة لا يحتج بها إلا إذا رواها الثقة إذا لم يخالفه من هو أوثق منه بكيف إذا رواها من ضعفه أساطين هذا العلم.

و المعنى الزائد هنا أن النبي صلى الله عليه و سلم لو لم يكن في هذه الدور النساء و الصبيان لحرق الدور عليهم فلو وجدت دار اليوم فيها من هو لا يصلي الجماعة لجاز حرقه إذا لم يكن فيها نساء و صبيان.

بينما الأحاديث الصحيحة دلت على النبي صلى الله عليه و سلم هم و لم يفعل فليس معنى هذا أن يجوز لنا حرق من ترك صلاة الجماعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير