[رسالة الشوكاني في السماع ... و تعليق]
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[26 - 06 - 04, 01:57 ص]ـ
السلام عليكم و برحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،،
فقد قرأت رسالة الشوكاني رحمه الله تعالى الموسومة بـ (إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع)
و في الحقيقة .. فعلى القيمة العلمية الجيدة بعض الشيء للرسالة من خلال ما نقل فيها من الأقوال ــ فالعبرة تكمن في التجميع ـ إلا أني أرى ـ وهي فقط وجهة نظر قابلة للرد ـ أن الكتاب قد تعدى عنوانه إلى ما قد يسبب التخبط بل و الفتن في هذا العصر، و هذا الأخير لا يعاب فيه على الشوكاني، بل على الذين أخرجوا رسالته دون توعية و دون مراعاة لأحوال الناس، و كأن هؤلاء التجار قد رأوا ـ كما هو دارج هذه الأيام ـ أن كلام الشوكاني شاذ و جديد في هذه المسألة بالنسبة للأوساط العلمية في صحوتنا المباركة، فبادر هذا التاجر الجشع إلى إبراز هذا الكتاب و الثناء عليه و يعرضه بصورة سينيمائية ملفتة .. هذا الكتاب الذي يقلب الموازين ... هذا الكتاب الذي يوضح كثيرا مما هو مغلوط عند أهل العلم .... إلخ طريقة سفهة التجار
و في الحقيقة فإن فائدة الرسالة تكمن في نقل الأقوال و الآراء عن أهل العلم، ليعلم أن المسالة مما يسوغ فيها الخلاف، و إلا ففي الرسالة ـ على صغرها ـ الكثير من النواحي السلبية سواء في منهجية العرض، أو في جانب الاستدلال .....
و بعض عبارات هذه الرسالة أردت التعليق عليها لا لمجرد الانتقاد، بل لتكون محل نقاش بين طلبة العلم بارك الله تعالى فيهم
و في النهاية أقول: إن الرسالة مفيدة حقا لمن تملكته العصبية على المخالف في هذه المسألة، فما فيها من النقولات والرد على بعض الاستدلالات يوضح الصورة أمام كل منصف ليسلّم بظنية المسألة و أنها مما يسوغ فيها الخلاف، و أما الحكمة في استعمال ما فيها من المادة العلمية و متى تقال و متى تحجب و ما إلى ذلك .. فهذا أمر آخر ليس هذا بمحله ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و أبدأ في عرض استفساري على بعض من أجزاء الرسالة
مع التنبيه على أن نسختي المحال عليها هي التي طبعتها و حققتها " دار الحرمين بالقاهرة " و أعتقد أنها أفضل النسخ من حيث تحقيق النص و اعتماد الأصل المخطوط
1ـ يقول الشوكاني رحمه الله تعالى:
((و لا ينكر أحد أن النبي صلى الله عليه وآله و سلم قرر الضرب بالدف، و سمعه، و لم كما في صحيح البخاري و غيره، و لعله يأتي بيانه.)) ص 32 ـ 33
أقول ـ محمد رشيد ـ: هل يصح هذا؟ ــ أي أنه لم ينكر أحد أن النبي صلى الله عليه و سلم لم ينكر الضرب بالدف؟
و أنا لا أقصد الإنكار الخاص، أي لا يكون مقصودي هو أن يأتي الإنكار في الحديث، بل أقصد ما يظهر من كلام الشوكاني و هو عدم وجود الإنكار أصلا أيا كان
2 ـ و يقول الشوكاني رحمه الله تعالى في نقد الاستدلال بقول النبي صلى الله عليه و سلم الذي أخرجه البخاري: ((ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحرّ، و الحرير، والخمر، و المعازف)) يقول: [و يحتمل أن يكون المراد: يستحلون مجموع الأمور المذكورة، فلا يدل على تحريم واحد منها على الانفراد و قد تقرر أن النهي عن الأمور المتعددة أو ترتيب الوعيد على مجموعها لا يدل على تحريم كل فرد منها] ص 33
أقول ـ محمد رشيد ـ: أين هذا التقرير؟ و هل يثبته الشوكاني بالبديهة أم بالاستقراء أم بالنص في كتاب من كتب الأصول؟
إن كان الأول فلا يسلم؛ فالعطف بالواو يقتضي تعدية نفس حكم المعطوف عليه للمعطوف فحين أقول لابني / أنت استبحت لنفسك اللعب مع الأشرار (و) تخريب البيت (و) اللعب بالطريق ... يظهر ذلك تمام الظهور أني نهيته عن اللعب مع الأشرار و عن تخريب البيت و عن اللعب بالطريق ....
فإن قيل لي / الشوكاني قال لا يلزم و لم يقل بعدم الوقوع
قلنا / فما زال الأثر عنده مثار احتمال، و لذا عبر عنه بقوله (و يحتمل) و هذا الاحتمال أقل ما يقال فيه أنه يوجب التوقف و عدم الترجيح إلا بمرجح معتبر، و لا أرى هنا مرجح له مطلقا، بل أرى أن الأصل ـ كما سبق ذكره ـ هو تعدية الحكم بالعطف ..
و إن كان الثاني .. بأن ثبت له ذلك بالاستقراء الشخصي .. فلا يحق له أن يقول هنا (و قد تقرر)
و إن كان الثالث .. فأنا ــ شخصيا ــ على ضيق اطلاعي لم أرى من قرر ذلك
¥