تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما قوله رحمه الله ([و من أعظم الأدلة على ذلك قوله تعالى: ((خذه فغلوه * ثم الجحيم صلّوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * و لا يحض على طعام المسكين)) و لا شك أن ترك الحض على طعام المسكين لا يوجب على انفراد ذلك الوعيد الشديد، و ليس أيضا بمحرم] انتهى كلامه ص 33

نقول قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (والنبي اذا امر بالقتل او غيره من العقوبات والكفارات عقب فعل وصف له صالح لترتب ذلك الجزاء عليه كان ذلك الفعل هو المقتضي لذلك الجزاء ولا غيره كما ان الاعرابي لما وصف له الجماع في رمضان امره بالكفارة ولما اقر عنده ماعز والغامدية وغيرهما بالزنى امر بالرجم وهذا مما لا خلاف فيه بين الناس نعلمه نعم قد يختلفون في نفس الموجب هل هو مجموع تلك الاوصاف او بعضها وهو نوع من تنقيح المناط فاما ان يجعل ذلك الفعل عديم التاثير والموجب لتلك العقوبة غيره الذي لم يذكر وهذا فاسد بالضرورة ... ).

فقول الشوكاني أنه غير محرم في هذه الآية مناقض للفظ الآية فالله تعالى في هذه الآية شدد في ذكر العقوبة بل و فصلها فذكر الله تعالى بعد هذه الآية (فليس له اليوم ههنا حميم * و لا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون) و مثل هذا لا يجوز أن يقال أنه غير محرم فلو أشكل عليه لوجب عليه التمسك بظاهر هذه الآية و هو المحكم هنا ثم ينظر ما هو مراد الرب عز و جل بعدم الحض على طعام المسكين أما أن يترك ما نصت عليه الآية قطعا بأن عدم الحض على طعام المسكين وصف مؤثر في هذا العذاب المفصل فهذا غير مقبول بل الآية تدل دلالة قطعية على تحريم هذا الفعل و لكن ما المراد هنا بقوله تعالى (و لا يحض على طعام المسكين).

نعم الشوكاني رحمه الله قال بانه له تأثير في الوعيد و لكن نقض هذا كله بقوله غير محرم فمتى كان المباح أو المكروه كراهة تنزيه له تأثير في الوعيد فهذا كتاب الله تعالى و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و هذه أقوال الصحابة رضوان الله عليهم لم نعهد منها عقوبة أو وعيد على مباح أو مكروه انفرادا أو اجتماعا.

بل أهل العلم يستدلون بالوعيد على تحريم الفعل و يجعلون اقتران الوعيد بالفعل من الدلائل على أن هذا الفعل من الكبائر.

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ((الثانى (أن الله قال (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما (فقد وعد مجتنب الكبائر بتكفير السيئات واستحقاق الوعد الكريم وكل من وعد بغضب الله أو لعنته أو نار أو حرمان جنة أو ما يقتضى ذلك فانه خارج عن هذا الوعد فلا يكون من مجتنبى الكبائر وكذلك من استحق أن يقام عليه الحد لم تكن سيئاته مكفرة عنه باجتناب الكبائر إذ لو كان كذلك لم يكن له ذنب يستحق أن يعاقب عليه والمستحق أن يقام عليه الحد له ذنب يستحق العقوبة عليه ... ).

و قال رحمه الله (وقال (وكل صغير وكبير مستطر) والأحاديث كثيرة فى الذنوب الكبائر

ومن قال هى سبعة عشر فهو قول بلا دليل

ومن قال إنها مبهمة أو غير معلومة فانما أخبر عن نفسه انه لا يعلمها

ومن قال إنه ما توعد عليه بالنار قد يقال إن فيه تقصيرا إذ الوعيد قد يكون بالنار وقد يكون بغيرها وقد يقال إن كل وعيد فلابد أن يستلزم الوعيد بالنار.

وأما من قال انها كل ذنب فيه وعيد فهذا يندرج فيها ذكره السلف فان كل ذنب فيه حد فى الدنيا ففيه وعيد من غير عكس فان الزنا والسرقة وشرب الخمر وقذف المحصنات ونحو ذلك فيها وعيد كمن قال إن الكبيرة ما فيها وعيد والله أعلم)

قال ابن كثير رحمه الله في هذه الآية (وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِن بِاَللَّهِ الْعَظِيم وَلَا يَحُضّ عَلَى طَعَام الْمِسْكِين" أَيْ لَا يَقُوم بِحَقِّ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ طَاعَته وَعِبَادَته وَلَا يَنْفَع خَلْقه وَيُؤَدِّي حَقّهمْ فَإِنَّ لِلَّهِ عَلَى الْعِبَاد أَنْ يُوَحِّدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَلِلْعِبَادِ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض حَقّ الْإِحْسَان وَالْمُعَاوَنَة عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّه بِإِقَامِ الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَقُبِضَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول: " الصَّلَاة وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ ".

و الله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير