تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[03 - 08 - 04, 12:19 م]ـ

أخي الفاضل اما كلام شيخ الإسلام رحمه الله (قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: (وكذلك المسائل الفروعية: من غالية المتكلمة والمتفقهه من يوجب النظر ولاجتهاد فيها على كل أحد، حتى على العامة! وهذا ضعيف، لانه لو كان طلب علمها واجبا على الاعيان فانما يجب مع القدرة، والقدرة على معرفتها من الادلة المفصلة تتعذر او تتعسر على أكثر العامة).

فكلام الشيخ رحمه الله واضح في الإجتهاد و هذه مسألة أخرى غير مسألتنا نحن نتلكم على وجوب التزام مذهب معين و عدم الخروج عنه إلا أن يتبين بالدليل خلاف هذا المذهب.

لا شك أن الإجتهاد في العلم عبادة والعبادات مشروطة بالعلم و القدرة فمن لا يعلم كيفية الإجتهاد لا يجوز له الإجتهاد و من لا يقدر على ذلك كذلك لا يجوز له الإجتهاد.

و العامة و لا شك غالبهم لا يملكون آلة الإجتهاد لذا لا يجب عليهم الإجتهاد.

و لكن عليهم اجتهاد آخر و هو معرفة الأتقى و الأعلم لمعرفة حكم ما ينزل بهم من مسائل.

و لكن مسألتنا هي هل يجب على العامي أو المتفقه على مذهب معين التمسك بمذهبه حتى لو علم أن هناك من هو أعلم من إمامه و أتقى و إن لم يتبين له بالدليل خطأ إمامه.

ثم لو فرض أنه نزلت به نازلة و لإمامه قول في هذه النازلة و لكن لا يعلمه و يعلم قول لإحد الأئمة الموثوق بهم هل يجوز له حينها البحث عن قول إمامه أم العمل بما بلغه من قول لهذا الإمام الموثوق به.

و هنا مسألة أخرى و هي هذا المتمذهب بمذهب معين و له حظ من النظر و الإستدلال كيف وصل لهذه المرحلة إلا بنوع قدرة في النظر إلى كلام إمامه و جمعه و تتبعه و فهمه و قبل ذلك النظر في قواعد إمامه و مصطلحاته.

و معلوم لمن كان ناظرا في الكتاب و السنة أن النظر فيهما لا يحتاج ما يحتاجه النظر إلى أقوال الأئمة فالله تعالى أمر بالنظر في كتابه و تدبره فقال {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82.

و أقوال الأئمة ليست من عند الله تعالى فمنها ما يوافق الحق و منها ما يخالفه.

و قال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} محمد24.

و الله تعالى لا يحكم على من لم يتدبر القرآن بالقفل إلا و يكون القرآن من أيسر الأمور و أسهلها تدبره و فهم معانيه لذا قال تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} القمر17 و كرر الله تعالى هذه الآية في سورة القمر أربع مرات و المراد بالذكر هنا أصالة التذكر و التذكر لا يكون إلا بفهم المعنى فهل أقوال الأئمة ميسره للذكر كما هو كتاب الله تعالى.

و أما قولك ثم ذكرتم أخي الكريم أنني قلتُ: (على أن الأصل هو التقليد حتى يتبين لنا خلاف ذلك).

فأين حفظك الله ترأني قد قلت هذا؟

فأن الذي لامرية فيه أن الاصل التمسك بالكتاب والسنة ولا عصمة الا لرسول الله، ولا متبوع قوله وفعله وتقريره الا هو.)

أخي أنا لم أقل أنك ترى أن التقليد هو الأصل على العموم و إنما ذكرت ذلك في معرض الكلام على المتمذهبه على أقوال الأئمة فأنت ذكرت في خلاصتك (الخلاصة انه يجب التزام المذهب ولا يجوز الخروج عنه الا بدليل) فجعلت الأصل للمتمذهبه انهم يجب عليه التقليد حتى يتبين لهم الدليل.

و لعل هذا يجرنا إلى عدة مسائل متعلقه في هذه المسألة:

الأولى: يجب أن نفرق بين طلب معرفة حكم النازلة و بين طلب العلم الشرعي عن طريق التمذهب فمعرفة حكم النازلة فمن لم يسعه معرفة الدليل أ استفرغ و سعه و لم يصل إليه فهذا جاز له عندها التقليد حتى لو كان عالما.

الثانية: من قلد لحاجته للتقليد لا يجب عليه تقليد إمام معين سواء عامي أ متمذهب أو عالم بل يجب عليه تقليد الأعلم الأتقى في هذه النازلة.

الثالثة: ليس من شرط التمذهب على مذهب معين الإلتزام بجميع ترجيحاته فالواجب متى وجد من هو أتقى و أعلم من إمامه جاز له اتباعه و هذه ليست مسألة تتبع الرخص و التشهي و إنما هي من جنس اتباع الدليل عند عدم القدرة على الوصول لعين الدليل و قد نقلت أنت كلاما هذا معناه عن شيخ الإسلام رحمه الله حيث قال ابن تيمية رحمه الله معلقا على كلام ابن حمدان:

من التزم مذهبا معينا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر افتاه، ولا استدلال بدليل يقتضى خلافه، ومن غير عذر شرعي يبيح له ما فعله، فإنه يكون متبعا لهواه وعاملا بغير أجتهاد و لا تقليد، فاعلا للمحرم بغير عذر شرعي، فهذا منكر. وهذا المعنى هو الذي أورده الشيخ ابن حمدان).

ففرق بين الخروج عن المذهب للتشهي و الترخص من غير رخصة شرعية و بين الخروج عنه لترجح ما هو أقوى منه سواء كان دليلا أو قول عالم أو عذر شرعي آخر.

الرابعة: يجب على من طلب العلم على مذهب معين أن يكون مراده معرفة المسائل عن طريق هذا المذهب لا ترجيح مسائله بمجرد التمذهب عليها بل يجب عليه طلب الدليل و معرفة الحق في المسألة متى ما قدر على ذلك و أما إن نزلت نازلة و لم يجد إلا قول هذا المذهب و لم يقدر على غيره جاز له عندها تقلد هذه الترجيح في هذه المسألة المعينة لا تقلد جميع مسائل المذهب.

الخامسة: ليس معنى قولنا جاز له العمل بهذه المسألة في هذه النازلة أن يتقلدها في كل نازلة من نوع هذه النازلة لأن الأحوال تختلف و القدرات تتفاوت فما يجوز له اليوم لا يجوز له غدا فقد يصل إلى دليل يخالف ما عمل به في هذه المسألة فعليه عندها التمسك بالدليل و طرح قول المذهب و قد يصل إلى علمه أن هناك من هو اعلم و اتقى من إمام مذهبه بل و قد يكون هناك أكثر من قول لإمام المذهب و يتبين له ضعف القول الذي عمل به و قوة القول الآخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير