فلا نستطيع أن ننكر أن الشاب يلهث لينظر قدم المرأة
و ينظر صفة صف أصابعها على كفها
و أنه قد يترك المرأة و لا يحبها لمجرد عدم تناسق أو جمال صف الأصابع على كف القدم
بل يتقززون من القدم الكبيرة للمرأة، ويتغزلون في القدم الصغيرة الرقيقة التي تتراص أصابعها في غير تباعد بينها و في غير اختلاف في الطول
و تعمد الفتيات في زماننا ـ كما نرى في مصر و الله أعلم بغيرها من البلاد ـ إلى شد أحزمة النعال الخفيفة على كفي القدمين ليبرز الجلد من بين الأحزمة في صورة مثيرة للشهوة لا ينكرها إلا معاند مكشوف أو عنين
و قد نحمل كلام السابقين ـ و هذا الحمل أراه قويا جدا ـ على ما رأوه هم في زمانهم، حيث شظف العيش، و وعورة الطرق والمشي على الحجارة و الرمال، فلا تكاد تفرق بين قدم الرجل و المرأة، حيث التقشر و الشقوق فلم تعهد ـ حينها ـ القدم مثارا للشهوة، بخلاف زماننا حيث أصبح كف القدم من أكبر و أوضح علامات جمال المرأة و زينتها التي تظهرها، فرغم نعومة العيش و عدم السير خطوة واحدة دون أحذية و رغم عدم وجود ما يعرف بالشقوق التي كانت معهودة في القدمين سالفا، و رغم أن كف القدم أصبح في هيئة كف اليد .. رغم كل ذلك إلا أن هذا لا يرضي بنات زماننا، بل أصبحن يعتنين بأكفهن اعتنائهن بوجوههن حتى أصبح و الله ـ و لست مبالغا ـ ينظر إليه قبل الوجه لنضارته و ما في من إثارة
ولو كان علماؤنا عاشوا حتى رأوا زماننا و رأوا انتشار هذا البلاء، فلا أبعد و الله أن يفتوا بتعذير بعضهن بالجلد على الأقدام حسما لمادة الفساد كما تقتضيه قواعدنا
ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
و إنا لله و إنا إليه راجعون
و أما الترجيح بأوضحية البرهان
فنقول فيه ما قلناه في الترجيح بتعضيد الرواية للدراية .. فانظره
و عليه //
فيترجح القول بعورية قدم المرأة مطلقا بتعضيد الرواية له، و بكونه أوفق للزمان ـ حيث هو مقتضى الحفاظ على الدين ـ و بكونه أقوى في أدلته و أصرح
و أما الترجيح لعدم العورية بكونه قول الأكثرين فهو يتساقط أمام ما ذكرنا لوجهين:
الأول // أنه لا يقوى ـ و هو مرجح واحد على مقاومة ما ذكرنها من المرجحات ـ هذا إن صح أنه يقوى على الواحد منها و لا يتساقط ـ و إلا فانتبه إلى الوجه الثاني
الثاني // هذا المرجح ـ الذي هو اعتبار قول الأكثرين ـ لا يقوم وحده أمام مرجح واحد مما ذكرنا، وهذا مذكور و منصوص عليه في قواعدنا
فهو لا يقوم في وجه الترجيح بتعضيد الروية للدراية، لأن علماءنا نصوا ـ كما سبق و نقلت لكم من شرح ابن عابدين على عقوده ـ على إطلاق تقديم الرواية عن أبي حنيفة التي تعضدها الرواية ـ أي الأثرية ـ عند اختلاف الروايات
و من الأمثلة على ذلك أيضا ترجيحهم ـ بل أراه أصرح الأمثلة على المسألة ـ ترجيح ابن عابدين للإشارة بالإصبع مع العقد ـ أي ثلاثا و ثلاثين ـ رغم أن كل المتون على عدم القبض، بل نصت على عدم القبض للتنبيه على اجتنابه، و تكلم ابن عابدين في هذه المسألة في حاشيته و نبه على عدم تقليد ما في المتون رغم كونه قول الأكثرين، و قال بأن القول بعدم القبض مخالف للرواية و الدراية، بل ألف في المسألة رسالة و سمها (رفع التردد في عقد الأصابع عند التشهد) و عليها ذيل لابنه محمد علاء الدين .....
و هو لا يقوم في وجه الترجيح بالأوفقية للزمان، حيث إن هذا المرجح ـ أي بكونه أوفق للزمان ـ يتقدم مطلقا على كل المرجحات الأخرى لدينا، بل يترجح على أحكام ظاهر الرواية التي نقلت إلينا بالتواتر، و قد نص علماؤنا على ذلك، كما نقله عنهم ابن عابدين في شرحه لعقوده في معرض كلامه على العرف، و العرف أحد صور موافقة الزمان، و له ـ أي لموافقة الزمان ـ صور أخرى تندرج تختها، منها: حسم مادة الفتنة بما يناسبها، و إن لم يدل دليل جزئي عليها بعينها، و إنما هي ما تقتضيه قواعد التشريع العامة
و لا يقوم الترجيح بالكثرة أيضا في وجه أوضحية البرهان، و يقال فيه ما قيل في الترجيح بتعضيد الرواية بالدراية
و الله تعالى الملك الوهاب وهو أعلم بالصواب
و الحمد لله رب العالمين
أخوكم المحب / محمد رشيد
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 08 - 04, 10:58 م]ـ
تنبهت أخيرا لكلمتكم الأخيرة
بل أنت و الله أستاذي و شيخي
و مشاركاتكم و مشاركاتي تشهد
تلميذكم المحب / محمد رشيد
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 08 - 04, 03:17 ص]ـ
تصحيح ... (ثلاثة و ثلاثين): (ثلاثة و خمسين) كما في حديث ابن عمر
(بتعذير): بتعزير
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[03 - 08 - 04, 05:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب (محمد).
وللفائدة فهناك دليل أصرح على عورة القدم وهو حديث أم سلمة وان كان قد اختلف فيه لكن صححه جمع من أهل العلم كالترمذي رحمه الله وفيه: (قالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ فقال: يرخين شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن؛ قال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه).
والقول بأن القدمين عورة هو مشهور قول الحنابلة وأظنه قول جمهور أهل العلم كالشافعية ولايحضرني مذهب المالكية في هذه المسألة.
والذي يعزى لهم القول بأن القدمين ليستا بعورة هم الحنفية وقد بينتم الاختلاف في هذا الامر في المذهب.
وجزاكم الله خيرا على هذه المذاكرة لطرائق الترجيح.
لكن لا أظن هذه الطرق على درجة واحدة في الترجيح فبعضها قوي يقضى على الاخر.
فأن الذي أعرفه من طريقة الحنفيه انه قد تجتمع طريقتان للترجيح لكنها لاتقوى على دفع واحدة.
كطريقة ظاهر الرواية مثلا لو عارضها طريقتان من غيرها كقول الاكثر (ان وجد) وقد يكون من أصحاب الامام لعدم جسور المتأخرين على مخالفة أقواله رحمه الله بخلاف أصحابه وطبقة الطحاوي وغيرهم.
أقول كأن طريقة ظاهر الرواية قوية فلو عراضها اكثر من طريقة لم تثبت لها.
فما مدى صحة هذا وهل هناك ترتيب في القوة لطرق الاحتجاج هذه أم لا؟
وجزاكم الله خيرا و زادكم علما وعملا.
¥