[تنبيه حول ما ينسب للحنفية من عورية صوت المرأة]
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 08 - 04, 02:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،،
فمنذ قديم أسمع ما ينسب لمذهبنا ـ الحنفي ـ من كون صوت المرأة عورة، و أعلم تماما أن التصريح بعوريته مذكور في كتبنا، و لكنه ليس في المحل الذي يفهمه منه كثير جدا من غير الحنفية، لأن من قرأ في كتبنا يجد لنا فصولا كاملة حول حديث المرأة مع الرجل، و كيف أن الشرع أباح للمرأة الوجه و الكفين للتعامل ـ و بعض الساعد فيما هو غير معتمد ـ للضرورة التعاملية، فمن باب أولى ذلك الصوت الذي خلقه الله تعالى للمرأة وغيرها للتعامل، و كنت كثيرا جدا أهم للدلالة على ذلك ـ أي على خطأ ذلك الفهم للقارئين في كتبنا ـ و لكن كثرة المشاغل كانت تلفتني عن ذلك، سيما و هو يحتاج إلى جمع مواضع التصريح بعورية صوت المرأة، و كذلك جمع المواضع و الفصول التي يبحث فيها الحديث مع الأجنبية، و ذلك من عدة مواضع من مراجعنا المعتمدة كحاشية ابن عابدين و الهداية و شرحيه الفتح و العناية و كذلك البحر الرائق لابن نجيم و الاختيار للموصلي؛ حتى يحصل الاطمئنان للمنقول خاصة لما يعرفه المطلعون من طلبة العلم من التعارضات التصحيحية في كتبنا .. ثم أقوم بعد ذلك بذكر وجه التوفيق بين ما يظهر منه التعارض ... و كل ذلك كان سيأخذ من وقتي بعض الشيء ..
و لكن ــ و لله الحمد و المنة ــ قد أراحني سيدي ابن عابدين ـ رحمه الله تعالى ورضي عنه ـ من عناء ذلك ففعل المراد في أربعة اسطر فقط في حاشيته الرائعة (رد المحتار على الدر المختار)
و أنا أنقل لكم هذه الأسطر لاستفادة منها، و ليتضح الأمر لمن لم يعلم حكمنا في المسالة و ينسب إلينا القول أو الإطلاق بعورية صوت المرأة ...
يقول ابن عابدين ناقلا عن البرهان الحلبي:
((ثم نقل عن خط العلامة المقدسي: ذكر الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه في السماع: و لا يظن من لا فطنة عنده أنا إذا قلنا صوت المرأة عورة أنا نريد بذلك كلامها، لأن ذلك ليس بصحيح، فإنا نجيز الكلام مع النساء للأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك، و لا نجيز لهن رفع أصواتهن و لا تمطيطها و لا تليينها وتقطيعها، لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن وتحريك الشهوات منهم، و من هذا لم يجز أن تؤذن المرأة اهـ. قلت: ويشير إلى هذا تعبير النوازل بالنغمة.)) اهـ 1/ 423 ـ 424 حلبي
أقول ـ محمد رشيد ـ: و بالفعل فقد نقل ابن الهمام في الفتح لفظة صاحب النوازل فقال:
" [فرع] صرح في النوازل بأن نغمة المرأة عورة، و بنى عليه أن تعلمها القرآن من المرأة أحب إليّ من الأعمى، قال: لأن نغمتها عورة. " فتح القدير 1/ 260 فكر عن حلبي
و عليه // فقول الحنفية بعورية صوت المرأة خلافا للجمهور هو خلاف لفظي في هذا الباب، فبينما اصطلح الحنفية على كونه صوتا أو نغمة، اصطلح الجمهور على كونه خضوعا و تمايلا و تغنجا،،،
و إنما تظهر ثمرة الخلاف بين الحنفية و غيرهم في باب مفسدات الصلاة أو شروط صحة الصلاة، حيث بنى بعض الحنفية على القول بعورية صوت المرأة أن ارتفاعه في الصلاة يفسدها ... و محله في كتب الفروع
و الله تعالى العليم الوهاب أعلم بالصواب
و الحمد لله رب العالمين