1. سئل رسول الله أيّ الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه].
تطعم الطعام: أي تكثر من إطعام الضيوف، سواء كانوا مسلمين أم كافرين كما قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب.
تقرأ السلام: أي تحيي بتحية الإسلام وهي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وظاهر الحديث يشمل المسلم والكافر، ولكن أكثر العلماء خصّصوه بالمسلم ومنعوا ابتداء الكافر بالسلام لحديث: (لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام) وسيأتي معنا أن هذا التخصيص محصور في حالة الحرب فقط. فيبقى الحديث على عمومه في سائر الحالات.
2. عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (لمّا خلق الله آدم، قال اذهب فسلّم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيّونك، فإنها تحيّتك وتحية ذريّتك. فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله .. ) [رواه الشيخان].
وهو نص صريح في أن السلام تحية آدم وتحية ذرّيته. ومن المعروف أن ذرية آدم منها المسلم ومنها الكافر، فيكون السلام هو تحية الجميع، سواء في الابتداء أو في الرد. والأصل في المسلم أن يلتزم بهذه التحية مع المسلم أو غير المسلم إلاّ عند وجود سبب مانع وهو (الحرب بالنسبة لغير المسلمين) لأن السلام أمان، والحرب تناقضه.
ب ـ أحاديث إفشاء السلام وهي كثيرة جداً:
بعضها عام ومن ذلك:
· حديث البراء أن رسول الله قال: (أفشوا السلام، تسلموا) [رواه ابن حبّان في صحيحه].
· وحديث عبد الله بن سلام قال: سمعت رسول الله يقول: (يا أيها الناس. أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].
· حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: (اعبدوا الرحمن، وأفشوا السلام، وأطعموا الطعام، تدخلوا الجنان) [رواه الترمذي وصحّحه، وابن حبّان في صحيحه. واللفظ له].
· حديث أبي شريح أنه قال: يا رسول الله. أخبرني بشيء يوجب لي الجنة. قال: (طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام) [رواه الطبراني وابن حبّان في صحيحه، والحاكم وصححه].
· حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله: (أفشوا السلام كي تعلو) [رواه الطبراني بإسناد حسن] وتعلو: أي تسمو وترقى أخلاقكم.
· حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله: (إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) [رواه أبو داود والترمذي وحسّنه].
وظاهر هذا الحديث يوجب على المسلم إذا التقى بغير المسلم أن يبدأ بالسلام، لأنه هو الأولى بالله تعالى.
· حديث عبد الله بن مسعود، عن النبي قال: (السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم .. ) [رواه البزار والطبراني. وأحد إسنادي البزار جيّد قوي].
ومعنى الحديث أن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض كلها، ولكن غير المسلمين أهملوه، وعلى المسلمين أن يفشوه بينهم. وهذا لا يمنع استعماله بين غير المسلمين، ولا أن يحيّي به المسلمون غيرهم، لأن الأصل فيه أنه وضع في الأرض كلها.
وبعض أحاديث إفشاء السلام وردت خاصة بالمسلمين منها:
- حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: (لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) [رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه].
- وحديث ابن الزبير رضي الله عنهما أن رسول الله قال: (دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد .. والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك؟ أفشوا السلام بينكم) [رواه البزار بإسناد جيد].
- وحديث أبي هريرة أن رسول الله قال: (حق المسلم على المسلم ست) وعدّ منها (إذا لقيته فسلّم عليه) [رواه مسلم].
ويفهم من جميع هذه الأحاديث أن السلام في الأصل هو تحية الناس جميعاً، تحية ذرية آدم كلها، وأن الله وضعه في الأرض كلها. ولكن المسلمين هم أولى الناس به، وعليهم إفشاءه فيما بينهم أولاً، وتجاه كل الناس ثانياً، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الحرب القائمة كما ذكر الشيخ رشيد رضا رحمه الله.
ج ـ الأحاديث الخاصة:
¥