ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 03 - 06, 01:33 ص]ـ
ما إن ظهر تهذيب البرادعي حتى تلقاه طلبة القيروان بالقبول، فغطت شهرته على بقية مختصرات المدونة، بما فيها مختصر شيخه ابن أبي زيد الآتي ذكره، ومن القيروان انتقل التهذيب إلى بقية مالكية المشرق والمغرب.
فتحول جزء كبير من أعمال المالكية العلمي تصنيفا وتدريسا ومناظرة ... إلى تهذيب البرادعي، حتى وصل الأمر إلى تداخل هذه الأعمال بينه وبين المدونة الكبرى .. فلا يدري الباحث عندما يسمع عن شرح للمدونة أو تقييد أو تعليق .. هل هو شرح للمدونة الكبرى أم لتهذيب البرادعي؟ وقد وقع اللبس فعلا لبعض الباحثين وبعض الكتبية، لا أطيل بتتبعه، وسببه تصريح المترجِمِين بأن الشرح الفلاني أو التعليق .. على المدونة، بينما هو على التهذيب، ويغفل الباحث أحيانا أنهم اصطلحوا – المتأخرون من المالكية – على إطلاق اسم المدونة على التهذيب، فاحتاج الناس للتنبيه على هذا.
- فجمع أبو محمد عبد الحق الصقلي < 466 > جزءا فيما وهم فيه صاحب التهذيب على المدونة.
- وعمل ابن بشير إبراهيم بن عبد الصمد [التذهيب على التهذيب] الديباج 1/ 265.
- وألف سليمان بن عبد الواحد بن عيسى أبو الربيع الغرناطي < 599 > كتابا حسنا في تسعة أسفار سماه [المسائل المجموعة على التهذيب]. الديباج 1/ 388.
- واختصره اختصارا حسنا؛ أبو محمد عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري < تـ 612 > – رحمه الله -، وعمل أيضا [البيان والتقريب في شرح التهذيب] كتاب كبير، جمع فيه علما جمّا، وفوائد عزيزة، وأقوالا غريبة، نحو سبع مجلدات، ولم يكمل. الديباج 2/ 43.
- واختصره كذلك ابن المنير أحمد بن محمد بن منصور الإسكندري < تـ 683 > وصف بأنه من أحسن مختصراته. شجرة النور 188.
- ومن أشهر الأعمال على التهذيب؛ تقييد أبي الحسن علي بن محمد الزرويلي المعروف بالصُّغَيّر، والشهير بالمغربي < تـ 719 > قال لسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة 4/ 186: ( .. من المؤتمن: [هو كتاب المؤتمن على أنباء أبناء الزمن لشيخه أبي البركات ابن الحاج البلفيقي] كان هذا الرجل قيما على تهذيب البرادعي في اختصار المدونة، حفظا، وتفقها ... ) وقد اختلفت نسخ التقييد لاختلاف المقيدين، فقيل: إن أحسنها تقييد تلميذه عبد العزيز القَوْري. شجرة النور 215.
توزعت أجزاؤه الخطية بين خزائن المغرب وتونس وباريس والأسكوريال ... ويبدو أن جماعة من طلبة العلم قد أتموا تحقيق الكتاب فالحمد لله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31067&highlight=%C7%E1%D2%D1%E6%ED%E1%ED
- ولابن غازي محمد بن أحمد المكناسي الفقيه الشهير < تـ 919 >؛ [اتحاف ذوي الذكاء والمعرفة بتكميل تقييد أبي الحسن، وتحليل تعقيد ابن عرفة] في ثلاثة أسفار، جمع فيه بين تكميل تقييد أبي الحسن الزرويلي وبين شرح مشكل مختصر ابن عرفة الفقهي، قال بعض معاصريه الفاسيين: (أما التكميل فقد كمّله، وأما التعقيد فما حله). نيل الابتهاج 582.
ويبدو أن من الكتاب نسخة خطية بخزانة القرويين تحت الرقم القديم:801، بركلمان 3/ 282 - 283، فهرس مخطوطات خزانة القرويين 1/ 218.
- ومن الأعمال العلمية حول التهذيب التي احتفظت لنا بها خزائن الكتب؛ [تكملة المشدالي لتعليقة الوانّوغي على التهذيب]. والوانّوغي هو أبو مهدي عيسى من أصحاب ابن عرفة، حج عام 803، ورجع لبلده، وصفت حاشية الوَانُوغِي بأنها في غاية الجودة، نيل الابتهاج 486، في ترجمة محمد بن أحمد الوانوغي التونسي، وكذا توشيح الديباج لبدر الدين القرافي 174.
والمَشدّالي – بفتح الميم وتشديد الدال المهملة، نسبة لقبيلة من زواوة، وصرح السراج في الحلل السندسية 1/ 663: بأنه بالذال المعجمة – محمد بن أبي القاسم بن عبد الصمد البجائي < تـ 866 > فقيه بجاية وخطيبها ومفتيها، له تكملة تعليقة الوانوغي المتقدم، قال أحمد بابا التنبكتي في نيل الابتهاج 539: ( .. في غاية الحسن والتحقيق، تدل على إمامته في العلوم، في مجلد ... ).
وللكتاب نسخ بالجزائر، وطرابلس الغرب، والفاتيكان، انظر تاريخ التراث لسزكين2/ 142.
قال في خطبة التكملة: ( ... قال الشيخ الإمام ... أبو عبد الله محمد بن الشيخ أبي القاسم المشدالي رحمه الله ... الحمد لله ... وبعد فإن بعض فضلاء أصحابنا الأخيار، والمجتهدين النظار، سألني ورغب إليّ في أن أصل كلام الشيخ الفقيه الفاضل النبيه، القاضي المحقق المتقن أبو مهدي عيسى الوانوغي في تعليقه على التهذيب بما يوضح ما اعتاص من عباراته، ويكشف ما خفي من إشاراته، لتكمل بذلك فائدته، وتحصل للطلاب عائدته، فاستخرت الله سبحانه في ذلك، فأجبته إلى طلبته، وأسعفته في تحصيل رغبته، وربما أضفت إلى ذلك ما يحسن من الزوائد، وما يرغب فيه من جلائل الفوائد ... ). نقله الدكتور حمزة أبو فارس في بحث له عن مدونة سحنون، نشر ضمن كتابه [بحوث ودراسات في بعض مصنفات الفقه المالكي] 68.
وهكذا تعاقبت الشروح والتقييدات والطرر- مما تركت ذكر معظمه مع شهرته، واعتماده عند المالكيين - على تهذيب البرادعي إلى أن اشتهر في الأوساط العلمية [جامع الأمهات] لابن الحاجب؛ فاتجهت إليه الأنظار حفظا وشرحا ومدارسة .. ، وبدأ إهمال التهذيب ... شيئا فشيئا.
¥