وعذر هؤلاء المشايخ الذين يشترطون هذه المبالغ الطائلة أن هناك الكثير والكثير من المقرئين وطالما أن القارئ خصني بالإجازة لشهرتي فليدفع، وبعضهم يقول: إني إجازتي مشهورة في كل مكان في العالم والمبلغ الذي ستدفعه لي ستحصِله في ختمتين، نسأل الله العفو والعافية.
لقد أخبرني أحد الإخوة أنه أتت إليه سفرية إلى الإمارات ويحتاج إلى إجازة من شيخ معين لأنه معروف في هذه البلد، فذهب إليه وطلب أن يقرأ عليه كي يأخذ الإجازة ويعطيه ما يستطيع دفعه، فاشترط عليه الشيخ مبلغا كبيرا جدا، وهذا قبل أن يزيد السعر الآن، فقال له الأخ: والله يا شيخ أنا أعول أسرة وأصرف عليها، وإن شاء الله إذا سافرت سأرسل لك المبلغ من هناك، فقال له الشيخ الموقر: لا، استلف من أحد الناس هذا المبلغ وحين تسافر أرسله له، فذهب هذا الأخ والدنيا مسودة في عينه، بسب هذا الشيخ الذي لم يخسر شيئا إذا ساعده في هذا الأمر خاصة أنه يعول أسرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بل إن بعض الناس لم يكن متقنا فيدفع الكثير والكثير فيحصل على الإجازة من الشيخ، والمتقن لا يأخذ الإجازة؛ لأنه لم يستطع دفع المال المطلوب؛ أليس هذا بظلمً من الشيخ المجيز؟!.
وبعضهم لا يقرئ إلا عِلية القوم " مهندس، دكتور، شخصية مرموقة، ..... " والسبب معلوم للجميع، ولا شك أن هؤلاء المشايخ سيُسألون عن هذا التعنت والتشدد والغلو الفاحش في المال.
وأخيراً - أخي الكريم -: دعك من اللهث وراء الشهرة الفارغة وخذ العلم من صاحب الدين والسنة،
نسأل الله العظيم أن يكون هذا الكلام عونا للجميع على طاعة الله ومرضاته، والله أعلم.
*******************
س21: ما حكم من يقرأ على الشيخ من المصحف وهو لم يحفظ القرآن أو يحفظ بعضه ثم يأخذ السند؟
القراءة بالنظر فى المصحف , وإن كانت مضبوطة مع التجويد , لكن ينقصها التلقى عن ظهر قلب حتى يبقى جميع السند مسلسلا بهذه الصفة،والأصل أن الطالب يعرض القرآن الكريم كله على شيخه حفظا عن ظهر قلب؛ والعرض من المصحف وإن جوَّزه بعض العلماء كالسيوطي في الإتقان (1/ 131)؛ ولكن هذا الأمر فتح الباب على مصرعيه، فأصبح الذي يقرأ من المصحف يستوي مع من يقرأ من حفظه فضلا عن الاستواء في السند عن الشيخ.
قال الدكتور/ محمد بن فوزان – حفظه الله – في إجازات القراء ص 59:
والذي يظهر لي – والله أعلم – جواز هذا النوع من الإجازات بشروط هي:
1 - عدم قدرة القاري على الحفظ.
2 - الإفادة في الإجازة بأنه أُجيز بقراءته من المصحف مباشرة.
3 - يُمنع المجاز بهذه الطريقة من إجازة غيره فهي له بمثابة إجازة خاصة.
4 - عدم فتح هذا النوع من الإجازة أمام عامة الناس والضرورات تقدر بقدرها.
أقول: وبعضهم قال: إذا أراد أن يقرئ أحدا فليقرئوه من المصحف كما قرأ هو على شيخه،والله أعلم.
************************
س22:أذكر بعض آداب الشيج " المجيز " مع التوضيح لبعضها؟
أقول: هذه الآداب ذكرها الإمام النووي كلها في " التبيان "، ونقلها ابن الجزري في " منجد المقرئين " وذكرها مختصرة الشيخ / أسامة حجازي - رحمه الله- وهي:
1 - الإخلاص: أن يقصد بذلك مرضاة الله تعالى , ولا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا , من مال أو رياسه أو وجاهه أو غير ذلك.
ولتذكر - أخي الكريم - حديث الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ومنهم: القارئ الذي تعلم ليقال عنه قارئ، ووالله لو لم يكن في هذا الباب إلا هذا الحديث لكفى.
2
2 - الحذر من مقصدة التكثر بكثرة طلابه.
3 - الحذر من كراهته قراءة طلابه على غيره ممن يُنتفعُ به.
قال الإمام النووي – رحمه الله – في التبيان ص 48، 49: " وليحذر – الكلام على المقرئ – من كراهة قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به، وهذه مصيبة يُبتلى بها بعض المعلِّمين الجاهلين، وهو دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته، وفساد طويته؛ بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله، فإنه لو أراد اللهَ بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أنا أردت الطاعة بتعليمه، وقد حصلت، وهو قصد بقراءته على غيري زيادة علم، فلا عتب عليه " ا. هـ
¥